الحرب

الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية تفتح ملف “الحرب”

تنظمها جمعية المعرفة التاريخية بمشاركة نخبة من المؤرخين المغاربة والأجانب

بيت الفن

تنظم الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية من 5 إلى 6 دجنبر الجاري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الدورة 12 من ملتقيات التاريخ بمشاركة نخبة من المؤرخين المغاربة والأجانب، الذي سيناقشون تيمة “الحرب” خلال جلسات الملتقى المنظم بدعم من وزارة الثقافة والاتصال وأكاديمية المملكة المغربية وكليتي الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط وبنمسيك بالدار البيضاء.

وحسب تصريح لرئيس الجمعية المنظمة الدكتور عبد المجيد القدوري، العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، فلقاءات ملتقى التاريخ  “أصبحت موعدا ثقافيا للتواصل مع التاريخ من خلال معرفة تيماته وقضاياه، وبذلك تقف من خلال برنامج يضم مداخلات علمية ومعرفية لمحطات التاريخ التي تقارب تيمة الحرب عبر موائد مستديرة مفتوحة لعموم المتلقين ومن يود أن يعرف تاريخ بلاده ومحيطه”.

وسيشهد الملتقى تنظيم محاضرة مؤطرة للمحور وفاتحة لقضاياه وتساؤلاته سيطرحها المؤرخ الفرنسي برنار روزنبيرجي، بعنوان “الحرب كأسلوب حياة حول الساحات البرتغالية في المغرب”. أما المحاضرة الختامية فسيلقيها  الباحث الهولندي ليون بوسكين مدير المعهد الهولندي بالرباط، بعنوان “الحرب وتقنياتها”.

وسيتناول نخبة من المؤرخين  الذين ينتسبون لمجموعة من الجامعات والمعاهد بالمغرب وتونس والنيجر وهولندا و السنغال، في باقي المداخلات محاور (مفهوم الحرب، الصراعات في التاريخ، الحروب القبلية بالمغرب والمخيال الجماعي، الحرب وتقنياتها).

وتأتي الدورة 12 من ملتقيات التاريخ، حسب منسق الدورة، الدكتور محمد سعيد المرتجي، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بالرباط،  “والعالم يحتفي بالذكرى المائوية الأولى لانتهاء الحرب العالمية الأولى، لتخليد ذكرى من قضوا في هذه الحرب الدموية التي أودت بحياة أكثر من 18 مليون شخص، ففي عام 1918 قرعت أجراس الكنائس وصمت صوت المدافع على الجبهة الغربية في إعلان لنهاية الحرب العالمية الأولى التي استمرت 4 سنوات وأودت بحياة الملايين، احتفت بفرنسا أمام قبر الجندي المجهول، وفي بريطانيا افتتح مهرجانا لإحياء ذكرى قتلى الحرب العالمية الأولى، فيما تم وضع أكثر من 75 ألف مجسم صغير يجسدون جثث الجنود القتلى في حديقة الملكة إليزابيث الأولمبية بلندن”.

وفي السياق نفسه يضيف الدكتور عبد المجيد القدوري “كانت الحرب العالمية الأولى قد اندلعت عام 1914 بين بريطانيا وفرنسا وروسيا من جهة، وألمانيا والنمسا ودول البلقان، وانتهت عام 1918، وكان السبب في اندلاعها اغتيال ولي عهد النمسا آنذاك.. فيما ذاع وصفها بالحرب العظمى، حيث شارك فيها 70 مليون عسكري وقتل فيها 18 مليون شخص نصفهم من المدنيين”.

ومما ورد في الورقة المؤطرة للدورة 12 لملتقيات التاريخ أنه كان ينبغي للعالم أن يعرف انخفاضا في عدد النزاعات بعد نهاية الحرب الباردة، لكننا نشهد في السنوات الأخيرة، وخاصة في العالم العربي الإسلامي، تصاعدًا للعنف، وتفككا لعدد من الدول التي لا يزال مستقبلها ضبابيا، إذ نجد ليبيا لا يزال وضعها غير مستقر منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي، وفي الشرق الأوسط نجد العراق التي كانت ولا زالت مسرحا لمجموعة من الحروب منها: الحرب ضد إيران بين عامي 1980 و 1988، والحرب ضد الكويت سنة 1990. ناهيك عن غزو قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للبلد منذ عام 1991. وبعد هجمات 11 شتنبر 2001، احتل الأمريكيون وحلفاؤهم العراق مرة أخرى. وعند انسحابهم سنة 2011 تركوا البلد مدمرا.

كما نجد أثر الربيع العربي، شاهد على الوضع في سوريا التي تعيش حربا أهلية طاحنة سببها رغبة مجموعة من القوى في تحقيق توازن استراتيجي في المنطقة. ونجد في الجنوب وضع اليمن، التي أضحت أفقر دولة في العالم العربي، كما نجد حربا ضد تحالف تقوده العربية السعودية منذ عام 2015. وبالإضافة إلى هذه الحروب المعلنة، تخوض العديد من الدول حربا غير معلنة ودون هوادة ضد الإرهاب.

وتدعونا هذه الوقائع والأحداث إلى التساؤل عن ما إذا كانت هذه الحروب تشكل ظاهرة جديدة، أم أنها تجد جذورها في التاريخ البعيد للإنسانية؟ فمثلا كان الحروب مرتبطة بالآلة عند اليونان القديمة.

وفقا للأنثروبولوجي الفرنسي بيير كلاستر، فإن المجتمعات البدائية كانت في الأصل محاربة. وكل مجتمع يتشكل من جماعات يفرقها منطق الحرب. ويشهد الفن الصخري على وجود مذابح بشعة، كما نجد تطور الصراعات في العصر الحجري الحديث.

وتشكل الحرب بحسب المنظر العسكري البروسي (PRUSSIEN) كارل فون كلاوسفيتز، امتدادا للسياسة بوسائل أخرى تشمل عدة أشكال منها: النزاعات بين الدول، والحروب الاقتصادية، والحروب النفسية، والحروب الأهلية، والحروب الثورية، والحرب الباردة. وفي المغرب، أدت حرب التحرير ضد فرنسا وإسبانيا التي تعتبر شكلا آخر من أشكال الصراع إلى استقلال البلد عام 1956.

خلفت النزاعات في مختلف أقطار العالم خسائر فادحة خصوصا منها البشرية. وتعد الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات دموية في التاريخ حيث ارتفعت الخسائر البشرية إلى أكثر من 60 مليون قتيل. أما خلال الحرب العالمية الأولى فبلغ عدد الخسائر البشرية أكثر من 18 مليون قتيل دون احتساب ضحايا الإنفلونزا الإسبانية. وخلال ثورة آن لوشان في الصين، في القرن الثامن الميلادي، تم تسجيل ما بين 33 و36 مليون ضحية. كما أن غزوات المغول بين 1207 و 1472 خلفت ما بين 30 و 60 مليون ضحية.

ومن ناحية أخرى نجد أن هناك علاقة وطيدة بين الحروب والاكتشافات العلمية والتكنولوجية. ورغم ذلك فإن الاختراعات العلمية لم يكن يعلن عليها إلا بعد أن تؤدي الدور المنوط بها، ومنها على سبيل المثال استعمال الرادار والاستكشاف تحت الماء، الأمر الذي يفسر انتصار الحلفاء في معركة نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية.

عن بيت الفن