بيت الفن
كشف الفائزون بدورة 2018 من جائزة الشيخ زايد للكتاب، في لقاء أقيم ضمن فعاليات معرض أبوظبي للكتاب في دورته الـ 28، عن الكثير من تفاصيل أعمالهم الفائزة وما أثارته من قضايا اجتماعية أو ثقافية أو نقدية.
وقال الباحث المغربي محمد مشبال الفائز بجائزة الفنون والدراسات النقدية عن كتاب “في بلاغة الحجاج: نحو مقاربة بلاغية حجاجية لتحليل الخطاب”، إن عنوان الكتاب يجب أن يفهم فى مقابله بلاغة الأدب أو بلاغة التخييل أو بلاغة الجمال. البلاغة ارتبطت تاريخيا بالجمال والتخييل والأدب، لكنها قلما ارتبطت على الأقل في وعينا المعاصر بالحجاج والإقناع، كتابي من بين عشرات الكتب الأخرى، وهو محاولة لاستعادة هذا البعد الحجاجي في البلاغة، وترسيخه في الثقافة، وأيضا أهمية هذا الكتاب في نظري هو محاولته لنقل البلاغة من كونها نظرية، إلى وسائل إجرائية لتحليل النصوص وتحليل الخطابات، هناك عامل آخر مهم جدا وهو أننا نركز على الأدب، لكن فى حياتنا خطابات مختلفة، خطابات سياسية، وخطابات دينية، وخطابات فكرية، وخطابات سجالية، وغير ذلك من الخطابات التي تحتاج إلى نظرية وأدوات لتحليلها”.
وأضاف “أظن أن البلاغة في التحامها أو انفتاحها على حقول أخرى، البلاغة في وضعها الراهن تقدم أدوات لتحليل هذه الخطابات. إذن هذا الكتاب هو دعوة للاهتمام بالبلاغة كنظرية في الخطاب، ويستطيع بها الطالب أو الباحث وأي مهتم أن يدخل في حوار مع هذه الخطابات التي نظل أمامها مكتوفي الأيدي، لأننا لا نملك أي أدوات، والمدرسة هنا لا تُعد أداة ولا تقدمها لنا. بلاغة الحجاج، هي نظرية بلاغية تمتد من السوفسطائيين إلى أرسطو، ومن أرسطو إلى بريمان وما بعد بريمان، وأيضا تمد يدها إلى البلاغة العربية”.
ورأى مشبال أن كتابه محاولة ليس فقط لنقل الفكر البلاغي الغربي، وإنما محاولة لتمثله انطلاقا من وعيي الشخصي باعتباري أكتب في هذا المجال منذ فترة طويلة وأُدرس بالجامعة أدرس البلاغة، فهو ليس كتابا أنقل فيه فقط مجموعة من التصورات بلغة عربية سائغة، ولكن أقدمها بتمثل شخصي، لأنني أحتك طوال الوقت بالنصوص والخطابات، كتابي السابق خطاب الأخلاق والهوية، كان عن رسائل الجاحظ علمني الكثير، هذا الكتاب هو توأم، هو جزء من كتاب الأخلاق والهوية ولا ينفصلان فى نظري.
وأكد مشبال أن البلاغة أخذت الجائزة وليست أنا فقط، لأن البلاغة تاريخيا حتى في الغرب كانت سيئة السمعة إلى حد بعيد، وكان الطلاب معروف أنهم يعزفون عن الدرس البلاغي نظرا لملله وعنايته بالألفاظ والمصطلحات والتصنيفات إلى آخره، لولا وجود باحثين عرب وغربيين يحاولون الكشف عن الوجه الحقيقى للبلاغة باعتبارها فلسفة وتصورًا للحياة، وتصورًا للعمل، للخطاب بشكل عام، عندما نتذكر الأسلوبية، الأسلوبية اعتقدت أنها سوف تتجاوز البلاغة، لكن بعد ذلك البلاغة تجاوزتها لماذا؟ لأن الأسلوبية حاولت أن تحصر البلاغة فى بعد واحد من أبعادها، وهو النصوص، فى حين أن البلاغة إمبراطورية واسعة تشمل جميع مكونات الخطاب.
الآن عندما أعود إلى البلاغة وأحاول بهذا الكتاب أن أكتب عن بلاغة الحجاج، فأنا أستأنف درسا بلاغيا عتيقا، سواء عند الغرب أو السوفسطائيين وأرسطو وما بعده وعند الجاحظ وما بعده، نستأنف هذه البلاغة المنسية والذي أنسانا إياها هو الدرس البلاغي التعليمي وبعض المتشبثين بالتقليد الأعمى، الذين يرفضون أي تجديد، فإذن هذا هو أهمية هذا الكتاب، إلى جانب كتب أخرى لغيري وليس كتابي فقط.
هناك شيء آخر أنا عندما أقول بلاغة الحجاج لا أنفي بلاغة الأدب، بلاغة الأدب قائمة وتحتاج أيضا إلى تطويرـ وأنا شخصيا أكتب في بلاغة الأدب كما أكتب في بلاغة الحجاج وأحاول أن أطرز حتى بلاغة الأدب وعندي مشروع عن بلاغة الرواية أيضا، لكنها سكة أخرى مختلفة عن بلاغة الحجاج.