بيت الفن
قررت أرملة وملهمته غابرييل غارسيا ماركيز، مرسيدس بارشا، التبرع بمجموعة كتبه الشخصية إلى أكبر وأشهر مكتبة عامة في كولومبيا “بيبليوتيكا لويس أنجيل أرانغو”، الواقعة في بوغوتا، عاصمة البلاد.
تتألف مكتبة ماركيز من أكثر من 3.000 كتاب و1.104 نسخ مترجمة إلى 43 لغة، ما يجعل منها هدية ثمينة لبلاده ومحبيه. وخلال مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط من بوغوتا، وصف مدير المكتبة، ألبرتو أبيلو فيفيس، قرار التبرع بأنه “استثنائي”، وشرح الأهمية الكبرى لهذه المجموعة التي سيجري عرضها مجاناً وإتاحتها للجماهير.
وقال “تمثل هذه الكتب في معظمها الطبعات الأولى، وهي مجموعة ثرية للغاية تحوي طبعات مختلفة لجميع أعماله بعد تحريرها، بجانب بعض الملحوظات والرسائل إلى المحررين أو المترجمين، ما يشكل مصدراً مذهلاً للباحثين المعنيين” .
وأضاف “يعني وجود هذه المجموعة في حوزتنا، أنه سيجري الحفاظ عليها من أجل الأجيال الحالية والمقبلة بجوار مجموعة وثائقية موسعة حصلت عليها المكتبة حول غارسيا ماركيز”.
وتبعاً لما أفاده أبيلو فيفيس، فإن العنصر الأكثر بروزاً في المجموعة، ويضفي عليها طابعاً فريداً هو التفاصيل التي تحويها طبعات سبق وأن نشرت في دول أخرى، لكنها اختفت اليوم.
يضيف “وجدنا نسخاً بلغات مثل الليتوانية، والفارسية، والتتارية، والتركية، والفيتنامية، واليوغسلافية، والإستونية، والكرواتية، والدنماركية، والسلوفينية، والبلغارية. وهناك كتب نشرت في بلدان كانت تتبع الاتحاد السوفياتي السابق، أو دول أخرى لم يعد لها وجود مثل جمهورية ألمانيا الديمقراطية أو يوغسلافيا. علاوة على ذلك، يبدو تصميم الكتب وأغلفتها مميزاً، ويجعل منها مادة دسمة للجهود البحثية في عالم الغرافيك على مستوى العالم”.
وبالطبع، ثمة مناطق كثيرة داخل كولومبيا تحتفي بغارسيا ماركيز وإرثه الأدبي العظيم، لكن تبقى ثمة أهمية خاصة لهذه المجموعة، لما تتيحه من فرصة للاقتراب أكثر من عالم الكاتب الراحل. وأعرب مدير المكتبة عن اعتقاده بأن العنصر الأكثر إثارة للاهتمام في ما يخص المجموعة التي جرى التبرع بها هي “الخطابات والملحوظات المرافقة لبعض النسخ والتي تكشف بوضوح عن علاقة اتصال مهمة بين الكاتب والمحررين”.
وتعتبر مجموعة الكتب الشخصية لغارسيا ماركيز بمثابة دليل جديد على مدى أهمية ظاهرة الكاتب الكولومبي المبدع بالنسبة لعالم الأدب والفكر. اللافت أن الكاتب كان يحتفظ لنفسه بنسخ مثيرة للفضول وأخرى ترجمت إلى لغات تنتمي إلى مناطق قاصية من العالم، ما يكشف لنا جميعاً كيف أن رشاقة عباراته وروعة صوره قادرة على هدم الحدود بين اللغات والحديث بلغة الحب العالمية.
يذكر، أنه يجري التعامل فنيا في الوقت الحالي مع المجموعة من أجل ضمان الحفاظ عليها وسيجري عرضها للجمهور بدءاً من غشت في قاعة الكتب والمخطوطات النادرة داخل مكتبة “بيبليوتيكا لويس أنجيل أرانغو”.
ومنذ رحيله عام 2014 حتى اليوم، تظل روائع غابرييل غارسيا ماركيز تأسر عشاق أسلوبه الأدبي الرفيع وحكاياته التي خلدتها كتبه، التي ترجمت إلى أكثر من 30 لغة، ولا تزال تتصدر قوائم أهم الأعمال الأدبية في العالم.