محمد بلمو
في زمن اكتسحت الرداءة والضحالة والسطحية مجال الغناء في المغرب على الأقل، وفي الوقت الذي يدعي عدد من أهل الطرب غياب نصوص شعرية مغربية صالحة للغناء، اختارت الفنانة اللبنانية الكلاسيكية غادة شبير، قصيدة للشاعرة المغربية الوجدية سميرة فرجي، وأطلقتها أغنية جديدة قبل أيام بعنوان “وحدك”.
تقول الشاعرة سميرة فرجي في قصيدة “وحدك” التي غنت منها صاحبة الصوت الأوبرالي غادة شبير، والتي ستصدر ضمن ديوانها الرابع قريبا:
شجاني ما شكوتُ من العذابِ.. وأشجان وأشواق عِذابِ
ألا تدري أنيس الروح أني ..جرعت النار من أحلى شرابِ؟!
و حر الشوق لو يحصى بطول ..لساوى بين بعدك واقترابي
ويشهد خافقي والرب أني ..كتمت عن الأحبة كل ما بي
فغطيت التياعي باصطبار..كمن غطى السحائب بالسحابِ
ومن يحجب لهيب الحب عنه..يضاعف حبه لهب الحجابِ!
أنيس الروح لا تبخل بوصل..فنار البين زادت في ارتيابي
وما هو في ثنايا القلب خاف..وربك لم يدون في كتابِ!!
وتعد الفنانة اللبنانية غادة شبير التي تخرجت من جامعة الكسليك حاصلة على درجة الماجستير في العلوم الموسيقية ودبلوم في الغناء الشرقي، من أبرز المغنيات المتخصصات في الموسيقى التقليدية الشرقية، وقد مُنحت جائزة “بي بي سي” العالمية للموسيقى لكل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لألبوم “موشحات” في عام 2007، كما أنها أحيت العديد من السهرات وشاركت في مهرجانات دولية كثيرة.
أما الشاعرة المغربية سميرة فرجي فتعد من الأصوات الشعرية الكلاسيكية النادرة في عصرنا الحالي، أصدرت حتى الآن ثلاثة دواوين شعرية، وبرز شعرها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة فنالت لقب سيدة السنة بالعاصمة العلمية فاس، واعتبرها الدكتور عباس الجراري حين وصفها ب”الكوكب الذي يضيء سمانا”، شاعرة متفردة تتقن إبداع القصيدة العمودية في القرن الواحد والعشرين بمختلف أغراضها، واعترف لها الأديب والدبلوماسي اليمني الدكتور عبد الولي الشميري قائلا :”فأنت تجاوزت مدى لم يبلغه قيس وليلى، وكثير، وعزة، وقهرت العاشقين والشعراء الغزليين من بعدك.. واعترف أنك بهذه القصيدة بلغت عرش الأميرة المتوجة للشعر الفصيح، الموزون المقفى البليغ السهل الممتنع”.
ولعل ذلك، هو السر الذي جعل جمهور الشعر يستمتع بنصوصها القوية والجميلة في كل مناسبة تلقي فيها شعرا، كان آخرها عندما حلت ضيفة على مهرجان الشعراء المغاربة بمدينة تطوان إلى جانب الشاعر المكرم عبد الرفيع جواهري والشاعرة أمل الأخضر.
هكذا استطاع شعر الوجدية سميرة فرجي أن يجد له صدى قويا في شرق المتوسط، وهكذا، وبفضلها يغني المشرق للمغرب، وهي المرة الأولى التي تغني فيها فنانة عربية متألقة من شعر شاعرة مغربية.