وجدة : أحمد سيجلماسي
حظى المخرج ومدير التصوير المحنك محمد عبد الكريم الدرقاوي بتكريم مستحق، في حفل افتتاح الدورة الثالثة لمهرجان وجدة الوطني لفيلم الهواة، مساء الأربعاء 25 أكتوبر الجاري بمسرح محمد السادس، إلى جانب الأستاذ أحمد حمدي، أحد الولاة السابقين للجهة الشرقية للمملكة .
وقدم الممثل، عبد الرحيم المنياري، في حق الدرقاوي شهادة جامعة مانعة، في حين قدم مندوب وزارة الثقافة والاتصال عمر عبو شهادة مماثلة في حق الأستاذ أحمد حمدي.
ولا يجادل أحد في كون محمد عبد الكريم الدرقاوي، المزداد يوم 29 مارس 1945 بوجدة، يستحق أن نحتفي به أكثر من مرة، ألم تمتعنا كاميرته طيلة نصف قرن من الزمان بصور سينمائية وتلفزيونية جميلة ومعبرة في جل أفلام شقيقه المخرج المبدع مصطفى الدرقاوي (شافاه الله) بدء اً بفيلم “أحداث بدون دلالة” (1974) وصولا إلى فيلم “الدار البيضاء داي لايت” (2004)، وفي أفلام مخرجين مغاربة كثر من بينهم الراحل محمد الركاب وآخرين (رماد الزريبة) والجيلالي فرحاتي (عرائس من قصب) ومومن السميحي (44 أو أسطورة الليل / العايل / الطفولة المتمردة) والراحل أحمد ياشفين (كابوس / خفايا) وحكيم نوري (المطرقة والسندان) وحسن بنجلون (عرس الآخرين) وعبد القادر لقطع (حب في الدار البيضاء / ياسمين والرجال) وسعد الشرايبي (أيام من حياة عادية) وإيمان المصباحي (جنة الفقراء) وكمال كمال (طيف نزار) ومحمد العبازي (ايطو تثريت) وعبد الحي العراقي (ريح البحر) ومحمد زين الدين (يقظة) وعبد الله المصباحي (القدس باب المغاربة) … ؟
ألم يكن حصده للعديد من الجوائز، كمدير تصوير، خصوصا في الدورات الأولى للمهرجان الوطني للفيلم بالرباط سنة 1982 والبيضاء سنة 1984 ومكناس سنة 1991 وطنجة سنة 1995 … ، بمثابة اعتراف واضح بكفاءته وإبداعيته على مستويات الصورة السينمائية ؟
يمكن اختزال المراحل الأساسية لتجربة كريمو الدرقاوي المهنية والفنية في عدة محطات.
التكوين النظري والعملي ببولونيا (1966 – 1972)، الاشتغال بالمركز السينمائي المغربي (1973 – 1975)، الاشتغال بالتلفزة المغربية (1976- 1978)، التدريس والتأطير بمعاهد خاصة وعمومية (1979 – 1992)، الاشتغال لحسابه الخاص بعد تأسيس شركته للإنتاج “سيني سين أنترناسيونال” سنة 1994.
بعد حصوله على البكالوريا الأدبية (تخصص: فلسفة) سنة 1965سافر رفقة شقيقه مصطفى إلى الديار البولونية لمتابعة دراستهما الجامعية من 1966 إلى 1972 بالمدرسة الوطنية العليا للسينما والمسرح والتلفزيون بمدينة لودز، التي تخرج منها بثلاث دبلومات الماجيستر في الفن ودبلوم في إدارة التصوير وآخر في الإخراج التلفزيوني.
بعد العودة إلى أرض الوطن التحق كموظف بالمركز السينمائي المغربي من 1973 إلى 1975، وفي هذه المرحلة من حياته المهنية أنجز، لفائدة هذه المؤسسة العمومية، العديد من الأعمال السينمائية على شكل أنباء مصورة ومجلات وروبورتاجات وأفلام قصيرة وغيرها، وعندما انتقل إلى التلفزيون صور لفائدته مجموعة من الأعمال الدرامية (أفلام، مسلسلات، مسرحيات…) وبرامج ثقافية وفنية وغيرها.
شكل الاشتغال في القطاع العمومي (المركز السينمائي المغربي والتلفزة المغربية) بالنسبة لكريمو الدرقاوي فضاء مناسبا للتمرس على التعبير بالأدوات السمعية البصرية واكتساب الخبرة الميدانية اللازمة لارتياد عالم المهن الحرة المرتبطة بالتواصل السينمائي والتلفزيوني، وما الطلب المتزايد على خدماته إلا دليل على كفاءته وقدراته العالية في مجال الصورة الفوتوغرافية والسينمائية والتلفزيونية.
انطلقت تجربته السينمائية سنة 1964 من خلال الفيلم القصير “الجدران الأربعة”، الذي صوره وعمره 19 سنة رفقة شقيقه مصطفى، واستمرت بحضوره القوي على مستويات إدارة التصوير والإخراج والإنتاج وتنفيذ الإنتاج في أكثر من 60 فيلما سينمائيا وتلفزيونيا مغربيا وأجنبيا والعديد من المواد الإخبارية و البرامج والمجلات والأعمال الدرامية التي أنجزها لفائدة المركز السينمائي والتلفزة المغربية في السبعينات من القرن الماضي.
من الأفلام التي أخرجها الدرقاوي للسينما نذكر “غرام وانتقام” (2014) و”الحساب التالي” (2010) و”وليدات كازا” (2009) و “زنقة القاهرة” (1998) و”الناعورة” (1984) و”رماد الزريبة” (1976) عمل جماعي.
أما أفلام التلفزيون التي أخرجها أو أدار تصويرها فهي “الطريق الصحيح” “شظايا الماضي” “خريف الأحلام” لحميد بناني، و”خيط العنكبوت” لرشيد فكاك، و”أمواج البر” لمحمد إسماعيل …
إضافة إلى كل ما سبق يمكن القول إن الفنان عبد الكريم الدرقاوي لم يبخل يوما بمعارفه وخبرته على الشباب والطلبة والهواة والمبتدئين، فقد مارس التدريس وأطر الطلبة بمعهد الحسن الثاني للاتصال السمعي البصري (1979 – 1982 ) وبالمدرسة العليا للإخراج السمعي البصري ( 1990- 1991 ) وبمدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء (1991 – 1992)، وكون العديد من المصورين ومدراء التصوير بالتلفزيون المغربي (1976- 1978 )، ونشط العديد من الورشات التكوينية، في إطار حركة الأندية السينمائية ولفائدة العديد من الجمعيات، منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، ودعم العديد من المخرجين في بداياتهم الأولى عبر إدارة تصوير أفلامهم وتوجيههم، نذكر منهم حكيم نوري (بدون كلام/ 1977 ) وسعد الشرايبي (كلمات وتعابير / 1980 وغياب / 1981 ) ونور الدين كونجار ( تراكم / 1984 ) ومحمد منخار ( دولار / 1994 ) ومحمد فاخر ( لحظة حلم /1999 ) ولحسن زينون (الصمت /2001 والبيانو / 2002 ) وبوسلهام الضعيف ( مانكان /2007 ) وجيهان البحار ( شيفت + حذف / 2007 ) ورشيد الشيخ ( الباير/ 2008 ) …. وترأس لجان التحكيم في العديد من المهرجانات السينمائية أو شارك في عضويتها…