إدريس الجاي

إدريس الجاي يقدم رحلة الألماني غولفس إلى المغرب

اللقاء احتضنته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء

بيت الفن

انعقد، اليوم الثلاثاء، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، لقاء تقديمي للترجمة العربية التي أنجزها الكاتب والمترجم المغربي المقيم في برلين إدريس الجاي عن النص الأصلي لكتاب رحلة الألماني غيرهارد غولفس “إقامتي الأولى في المغرب”1861 الصادر عن منشورات مختبر السرديات، بحضور المترجم، والأستاذين رضوان الضاوي وياسر العراقي.

وتعتبر رحلة الرحالة الألماني غيرهارد غولفس “إقامتي الأولى في المغرب” نصا يهتم  بتفاصيل دقيقة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمغرب منتصف القرن التاسع عشر وهي مرحلة لا نجد عنها في الخزانة التاريخية المغربية إلا كتابات شحيحة.

وما يميز غولفس عن كثير من زملائه، الذين سبقوه إلى المناطق المغربية، هو عدم حصر معلوماته على الاستدلال بشهادات الرحالة الذين سبقوه إلى زيارة المغرب وإنما تجاوزها إلى تمحيص هذه المعلومات واختبارها ميدانيا والمقارنة بينها وبين الأوضاع الراهنة، التي عايشها شخصيا، اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو عمرانية.

في تقديمه لرحلة الألماني غيهارد رولفس للمغرب يقول الجاي “لقد بدأ غولفس رحلته الأولى إلى المغرب سنة 1861 كمغامر، حيث كان، حسب تصريحاته نفسه، يريد الدخول في الخدمة المخزنية، حكومة السلطان سيدي محمد بن عبدالرحمان، الذي وجه، بعد معاهدة هدنة حرب تطوان أو الحرب الإفريقية، Guerra de Africa سنة 1859- 1860 التي نجم عنها احتلال مدينة تطوان، نداء عبر الصحف الأوروبية إلى كل الخبراء والتقنيين الأوروبيين، قصد الاستفادة من تجربتهم في إصلاح وتشكيل جيش نظامي”.

لكن غولفس ما إن وصل إلى مدينة طنجة قادما إليها من الجزائر، التي كان يعمل فيها طبيبا عسكريا ضمن فيلق القوات الأجنبية، حتى تبين له عدم صحة هذه الأنباء، مع ذلك فقد عزم على المضي في المغامرة رغم إمكانياته المنعدمة. لكن بإيعاز من ممثل المفوضية الإنجليزية في المغرب  دورمند هاي، الذي نصحه باعتناق الإسلام صوريا كضمان لأجل المضي في هذه المغامرة.

انطلق غيهارد تحت اسم مستعار مصطفى إلى مدينة وزان أولا، إلى كبير شرفاء الزاوية الوزانية ( زاوية مولاي الطيب) الحاج عبد السلام، هذه الزاوية التي كانت أقوى زاوية في المغرب، حيث كان نفوذها الديني يمتد حتى الشرق العربي ودول الغرب والساحل الإفريقي. لقد ذللتْ للرحالة الصداقة القوية التي كونها مع الشريف كل الصعوبات ومن بينها الدخول إلى الوظيفة العسكرية في فاس. فقد أصبح الطبيب العام للجيش، ثم لاحقا الطبيب الشخصي للسلطان نفسه، كما جعلته فيما بعد يتحرك عبر كثير من المناطق الشمالية تحت حماية الشريف الكبير إلى أن وصل إلى تخوم الصحراء.

لقد خلف غيهارد غولفس بعد إقامة طويلة نسبيا عند بن الطيب باشا بمدينة فاس العتيقة وصفا مسهبا ودقيقا لهذه المدينة، التي كانت العاصمة وإقامة السلطان الرسمية، بعدوتيها القرويين والأندلس وكذلك فاس الجديدة. متتبعا أسواقها، ومراكزها الدينية والاقتصادية مكونا أمامنا صورة لهذه المدينة من خلال عين خارجية تلتقط الظواهر الحياتية المحركة لهذه المدينة والنشاط اليومي فيها.

عن سر اهتمامه بأدب الرحلة يقول الجاي “إنها متعة الحكي، الدخول إلى عوالم مجهولة بالنسبة لنا، فالرحالة نفسه هو راو قبل كل شيء، إلا أنه راوي أحداث، وقائع أو أماكن إما شاهدها شخصياً أو سمع عنها. فمن خلال مشاهداته الذاتية يرحل بنا إلى عوالم غريبة عنا، أو مألوفة لدينا، غير أننا من خلال السرد نتذوقها بصيغة مغايرة، ونتملاها بنكهة خاصة، أو أنه يزج بنا، بشيء من الغرابة، في أماكن وربما أزمنة كثيرا ما تعودنا ملاقاتها والآن نعيد تأملاتنا فيها بعين ووعي مغاير. حيث يمكننا هذا الرحالة من ولوج سراديب وأقبية وعادات وطقوس لا نحياها جسدا ولكن نقاسمه محياها وجدانا وتخيلا وإحساسا وتأملا. فأدب الرحلات إذن يقوم على مد جسر التطلع والتشويق وإمتاع التخييل. يساعدنا على نسج الصور وفقا لحالاتنا الذاتية. ليس الحكم هنا هو السرد، بل الرحلة في حد ذاتها، إنها المحور الذي من حوله يتشكل الحكي والمحكي عنه.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

دار الشعر بتطوان تحتفي بكتاب نفيس حول “الحمامة البيضاء”

تنظم دار الشعر بتطوان مساء يوم السبت 4 دجنبر 2021، بفضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان حفل تقديم وتوقيع الكتاب الجماعي...