عبد الفتاح كيليطو

باحثون يناقشون العلاقة بين الشعر والمنجز الفكري والنقدي لـ عبد الفتاح كيليطو

دورة أكاديمية نظمها بيت الشعر في المغرب في إطار الاحتفال بمدينة مراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي…

بيت الفن

في إطار الاحتفال بمدينة مراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، اختتمت يوم السبت 17 فبراير 2024، بقصر الباهية بمدينة مراكش، أشغال الدورة الأكاديمية “كيليطو والشعر”، التي نظمها بيت الشعر في المغرب بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين والدارسين، يومي 16 و17 فبراير، احتفاء بالمنجز الأدبي والإبداعي للكاتب عبد الفتاح كيليطو.

وتروم الدورة، التي جرى تنظيمها بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو) وكلية اللغة العربية بجامعة القاضي عياض، على مدى يومين، التفكير في مسار التأويل الذي أنجزه الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو عن الشعر ضمن إعادة القراءة التي أنجزها للأدب العربي الكلاسيكي.

وقال مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب، في كلمة بالمناسبة، إن هذه الدورة الأكاديمية التي يواظب بيت الشعر منذ تأسيسه على عقدها، تتيح جمع نخبة من الباحثين والدارسين المغاربة من أجل التفكير في الشعر كأفق للإنتاج الفكري والمعرفي والنظري في تفاعل مع الأسئلة التي يستنبتها مع باقي المعارف الإنسانية والأنواع الأدبية الأخرى.

وأشار القادري إلى أن دورة هذه السنة، التي تخصص محورها للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو في علاقة منجزه الفكري والنقدي بالشعر، تنعقد ضمن احتفالية مراكش عاصمة الثقافة بالعالم الإسلامي لسنة 2024 التي أطلقتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو) وتتواصل فعاليتها طيلة السنة.

وأفاد القادري أن اختيار بيت الشعر لموضوع دورة هذه السنة “كيليطو والشعر” نابع من المكانة المعتبرة للكاتب والباحث عبد الفتاح كيليطو الذي شرف الثقافة المغربية وأعلى من رصيدها داخل الوطن وخارجه من خلال تتويجه، أخيرا، بجائزة الملك فيصل العالمية، مشيرا إلى أن كيليطو نجح في بناء مشروع نقدي متفرد استوعب المناهج النقدية الحديثة وقام بتكييفها بما يناسب وجهة نظر خاصة ومتميزة أتاحت قراءة جديدة للسرد العربي القديم.

من جانبه أكد أحمد قادم، عميد كلية اللغة العربية، على الاهتمام الذي توليه الكلية للشعر والتأويل من خلال اللقاءات التي تحتضنها وتستضيف أعلام الثقافة والأدب المغاربة، مبرزا انفتاح الكلية على كل المثقفين والأدباء الساعين إلى تطوير مسار الأدب والشعر.

رئيس قطاع الثقافة والاتصال بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو)، محمد زين العابدين، أشار في كلمته إلى أن هذا اللقاء الأدبي والعلمي يخوض تجربة علمية تكاد تكون فريدة جمعت بين القديم والجديد، مبرزا الأسلوب النقدي الفريد لعبد الفتاح كيليطو ومنجزاته الأدبية ومكانته في المضمار الأدبي والثقافي التي أهلته لنيل العديد من الجوائز العالمية.

كما تحدث زين العابدين عن برنامج عواصم الثقافة بالعالم الإسلامي، الذي يعد من أهم برامج منظمة “الإيسيسكو” وتظاهراتها الهادفة إلى دعم التبادل الثقافي بين الدول الأعضاء والعالم أجمع، وإلى خلق شراكات وتوأمة بين المدن المحتفى بها وبعث الذاكرة الحية للشعوب حفاظا على إرثها الثقافي وتثمينه.

خلال مداخلته بهذه المناسبة قال الباحث والناقد محمد أيت لعميم إن “المتأمل في المسار التأويلي لعبد الفتاح كيليطو يلاحظ أنه تحكمه استراتيجية خاصة، نلمحها في كل النصوص التي اشتغل عليها، وهي نصوص تراثية بالأساس، منها المحكي القصير والسرد الطويل، والنوادر والمحكيات والقصة الفلسفية والرسائل، والنصوص النقدية والأبيات الشعرية…”.

وأوضح أيت لعميم أن “هذه الغزارة في النصوص التراثية فسيفسائية التشكيل يتم التعامل معها بتأويل قصد توليد المعنى من أرحام خلناها صارت عقيمة بسبب تكرار واجترار سطحي الدلالة، أو الإيهام بكشف القصديات. وضد هذه الألفة الدلالية سيسعى كيليطو إلى خلخلتها للعثور على السراج الوهاج في درج عتمة النصوص”.

وأكد “أن فعل القراءة لدى كيليطو يتأسس على مساءلة البداهة واكتشاف العادي، ووضع اليد على الرسالة المسروقة، متقمصا شخصية المحقق الذي يسلك الطريق الصعب في فك شفرات اللغز، ومعتمدا تفسير الأدب بالأدب”، مشيرا إلى أن “حضور الشعر في المدونة النقدية عند كيليطو يخدم غايات عدة، منها أنه قنطرة لتأسيس المفاهيم والقضايا التي تتأثر باهتمامه، كما تتم قراءته بالروح التي تشعرك بالنصوص الأخرى، بالإضافة إلى تغير النصوص الشعرية عبر المواقع التي ترد فيها، ومن ثم تضيء وتستضيء في السياقات المختلفة”.

وتأتي أهمية كيليطو، حسب أيت العميم، من “إعادة النظر في تاريخ الشعر العربي، من خلال إدراج جزء ظلت الثقافة الكلاسيكية تتناساه، وهو شعر الهزل، ومثل له بالشاعر ابن الحجاج الذي قلب الأغراض الشعرية وادخل فيها السخرية والمحاكاة الساخرة، وما يميز مقاربته القراءة بالمفارقة، فاللزوميات التزم فيها الصدق فكانت مثار شكوك سقط الزند، والتزم فيه الكذب فكان مقبولا، ومقدمة اللزوميات انحرف فيها الكلام في العروض ولم يخصص للمضمون إلا بضعة أسطر فأثار هذا المنهج شكوكا”.

تميزت فعاليات هذه الدورة الأكاديمية بمحاضرة افتتاحية لعبد الفتاح كيليطو تحت عنوان “لزوم ما لا يلزم” بمدرج كلية اللغة العربية بجامعة القاضي عياض بمراكش، وسيرها العميد أحمد قادم.

وانطلقت جلسات الدورة الأكاديمية بندوة في موضوع “الشعر في تأويل كيليطو لنسق الأدب العربي الكلاسيكي”، سيرها عادل عبد اللطيف وشارك فيها عبد السلام بنعبد العالي، بورقة عنوانها “تحرير الشعر من الأدب”، ومحمد الحيرش بمداخلة “عبد الفتاح كيليطو والمعرفة الفيلولوجية بالشعر”، وجمال الدين بن حيون، بورقة “عن جذوة الشعر وجدوى النقد”، وسعيد العوادي بـ”شعر المقامات”، وخالد بلقاسم بـ”شعاب الشعر في تأويل الأدب الكلاسيكي”.

وتواصلت بجلسة علمية حول صورة المعري في كتاب “أبو العلاء المعري أو متاهات القول”، يسيرها خالد بلقاسم، وساهم فيها محمد أيت لعميم، بـ”منطق التأويل الشعري عند كيليطو”، وإسماعيل أزيات بـ”فن قراءة ما بين السطور”.

وشاركت في الجلسة ذاتها إيمان خياتي بورقة عنوانها “كيليطو بين سر المعري وارتياب السروجي في متاهات القول”، بينما حملت ورقة فيصل أبو الطفيل عنوان “التوغل في متاهات القول، كيف قرأ كيليطو المعري؟”، أما نبيل منصر فتحدث عن “كيليطو وإدانة سر الأدب”.

وتناولت جلسة أخرى، موضوع “الشعر في أعمال كيليطو القصصية والروائية”، حيث سلط حسن بحراوي الضوء على “الشعر في سرود كيليطو”، بينما اختار حسن المودن لمداخلته محور “القراءة في صمت النسخ، كيف أصبح النساخ شاعرا؟”، أما مداخلة عزالدين نزهي فتمحورت حول “عبد الفتاح كيليطو.. حكاية الحب والشعر والنسيان”.

وشارك في الجلسة الختامية كل من غادة الصنهاجي بورقة “عبد الفتاح كيليطو شاعر على مزاج السرد”، ومنير سرحاني بـ”كيليطو وطيف الشاعر في الحكاية”، بينما ركزعبد الفتاح الحجمري في مداخلته على محور “شعراء كيليطو والبوتلاتش”.

يشار إلى أن عبد الفتاح كيليطو كاتب وروائي مغربي ولد بمدينة الرباط سنة 1945، حاصل على دكتوراه دولة من جامعة السوربون الجديدة بباريس عام 1982، عمل أستاذا في جامعة محمد الخامس بالرباط، وأستاذا زائرا في جامعات عديدة من بينها جامعة السوربون الجديدة، وجامعتا برينستون وهارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية.

ألف كيليطو العديد من الكتب باللغتين العربية والفرنسية، وله دراسات وبحوث منشورة في مجلات علمية وجرائد مغربية وعربية، كما أنه ألقى العديد من المحاضرات، وشارك في لقاءات ثقافية في المغرب وخارجه. وحاز العديد من الجوائز المرموقة أحدثها جائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب في دورتها الخامسة والأربعين لسنة 2023.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

ملتقى الشارقة الثقافي يكرم أربع قامات أدبية مغربية في الدارالبيضاء

يحظي بالتكريم في هذه الدورة الكاتب والروائي مبارك ربيع والكاتبة والروائية خناتة بنونة والكاتب المترجم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *