اختارت لجنة التحكيم رواية تغريبة القافر للكاتب العماني زهران القاسمي للفوز بالجائزة، لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة…
بيت الفن
بالتزامن مع افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب،أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية مساء أول أمس الأحد، عن فوز رواية “تغريبة القافر” للكاتب العماني زهران القاسمي بالجائزة في دورتها السادسة عشرة.
وبتتويجه يصبح القاسمي أول كاتب عماني ينال هذه الجائزة التي تعتبر الأكثر شعبية وأهمية بين عموم القراء والكتاب والناشرين والمتابعين، التي باتت بمثابة مقياس لسوق الرواية العربية اليوم.
وقال محمد الأشعري، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، “اختارت لجنة التحكيم رواية تغريبة القافر لزهران القاسمي للفوز بالجائزة، لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة. وقد قدم الكاتب لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائي محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دورا أساسيا في حياة الناس وفي نفس الوقت تثير نفورهم وتخوفهم. وقد استطاع الكاتب أن يقربنا من مسرح غير مؤلوف للرواية المتداولة في الوطن العربي، هو مسرح الوديان والأفلاج في عمان وتأثير العناصر الطبيعية في علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته”.
وقال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، “تنبع رواية تغريبة القافر من بطن بيئتها القروية العمانية التي تعيش حياتها بإيقاع يهيمن عليه الماء بمخاطر الشح والإغداق الذي لا يذر. تعايش هذه الرواية شخصية القافر الذي انتشل وليدا من رحم الماء، وعاش حياته يرصد مساراته في أحافير الأرض في مجتمع تعشعش فيه الأساطير التي يستخدمها في سبر علاقته بمحيطه البيئي والبشري. يميز هذه الرواية سردها الانسيابي انسياب الماء بإيقاعها الشاعري الذي يطلوه حلاوة ورشاقة حملت في ثناياها محلية عذبة تتعايش مع فصاحة السرد بوئام”.
وتدور أحداث الرواية في إحدى القرى العمانية وتحكي قصة سالم بن عبدالله، أحد مقتفي أثر الماء، تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية. تقع أحداث الرواية في عالم الأفلاج، النظام الفلاحي لري البساتين، المرتبط بالحياة القروية في عمان ارتباطا وثيقا، الذي دارت حوله الحكايات والأساطير.
ويطرح الكاتب سؤالا مهما على القارئ: ماذا لو أن هذه المادة التي تمنح الحياة للكائنات هي مصدر لموتها أيضا من خلال ندرتها أو فيضانها؟ ارتبطت حياة القافر منذ ولادته بالماء، فأمه ماتت غرقا، ووالده طمر تحت قناة أحد الأفلاج حيث انهار عليه السقف، وينتهي القافر سجينا في قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حيا. تغريبة القافر رواية تعيد للراوي وظيفته الأولى وهي ري الناس وإشباع ظمئهم.
وحول دلالات روايته صرح زهران القاسمي أن الإنسان عبر العصور ارتبطت إقامته على الأرض ارتباطا كبيرا بالماء، لذا نجد أن كبرى الحضارات قامت على ضفاف الأنهار، وأن علماء الأنثروبيولوجيا يؤكدون أن بداية الحياة على سطح الأرض بدأت من الماء.
وأضاف أن الدلالة الأخرى للرواية هي أن الماء مورد من موارد الطبيعة وأن التبذير فيه وعدم استخدامه الاستخدام الأمثل سوف يؤدي إلى نضوبه، وهذه رسالة في غاية الأهمية للنظر إلى موارد طبيعية تقوم عليها الحياة واستقرار الكثير من الدول أن تنظر في طريقة استهلاكها.
وتابع “أيضا وكما توسع في ذلك الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار، فالماء أكثر من كونه مادة لري العطش، فهو المرآة الأولى التي أغوت نرسيس وجعلته يرى ذاته، فهو الذات السائلة والأنا العميقة التي نقع في حبها ونسعى لامتلاكها وقد يكون ذلك فيه الهلاك، إلا أننا نذهب بعيدا لها”.
وولد زهران القاسمي في ولاية دماء والطائيين في سلطنة عمان عام 1974، وهو شاعر وروائي، صدرت له أربع روايات “جبل الشوع” (2013)، “القناص” (2014) الحاصلة على جائزة الإبداع الثقافي من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عام 2015، “جوع العسل” (2017) و”تغريبة القافر” (2021)، بالإضافة إلى عشرة دواوين شعرية ومجموعة “سيرة الحجر 1″ (قصص قصيرة 2009) و”سيرة الحجر 2” (نصوص 2011).