اختيرت مجموعة سيرك الحيوانات المتوهمة إلى جانب 9 أعمال عربية من بين 241 ترشيحا وهي عبارة عن حقيبة مونولوغات سردية مينيمالية ورسومات تخطيطية تستهل بخطاب حراسة نظري يحمل عنوان “تذاكر مجانية للدخول إلى السيرك”…
بيت الفن
تأهلت المجموعة القصصية القصيرة ”سيرك الحيوانات المتوهمة” للكاتب المغربي أنيس الرافعي إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في الكويت، إلى جانب 9 مجموعات قصصية من تونس والأردن والعراق ومصر.
“سيرك الحيوانات المتوهمة” الصادرة حديثا عن “دار خطوط وظلال” عبارة عن “حقيبة مونولوغات سردية مينيمالية ورسومات تخطيطية ” أنجز شقها الفني المبدع الأردني محمد العامري.
وتقع المجموعة في 186 صفحة من الحجم الصغير، وتستهل بخطاب حراسة نظري، يحمل عنوان “تذاكر مجانية للدخول إلى السيرك”، هو عبارة عن خليط معرفي متعدد الأطياف من الشذرات، والتأملات، والخواطر، والأحلام، والهوامش، والهلاوس، والقصاصات، والخطابات الموازية، التي يبلغ عددها تحديدا 120 مقطعا.
مباشرة بعد خطاب الحراسة، المؤطر لمرجعيات وتقاطعات هذه التجربة الجمالية المغايرة على صعيد المعمار والمتخيل، يأتي قسم “الحيوانات حسب ترتيب دخولها إلى خيمة السيرك”، قوامه 30 حكاية عن 30 حيوانا متوحشا أو مستأنسا، ضمن قوالب متخيلة ذات طابع عجائبي أو سريالي أو واقعي، تقع في المنطقة البرزخية الملتبسة بين المرئي واللامرئي، وبين الظاهر والمتواري، أو بين الأصل الثابت والظلال المراوغة، تماما كما لو كنا أمام نسخة معاصرة ومعدلة جينيا من “كليلة ودمنة”، أو في مواجهة مشاهد قوطية مهربة من أحد أفلام المخرج الأمريكي “تيم بيرتون”.
تختتم الحقيبة بقفل على شاكلة مأثورة فنتازية، تمت تسميتها بـ “كيف يمكن إغلاق السيرك؟”، السيرك الكرنفالي والرمزي ذاته، الذي يعج بالكثير من المحكيات الطريفة والأليغورية، على منوال ديربي الحيوانات الجميلة والحيوانات القبيحة ، الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الحيوانات ضحايا الأدب العالمي ، المؤتمر الكوني لمبتكري الحيوانات الخرافية ، صالة ألعاب تصادم الحيوانات الضارية، والرابطة السرية للرفق بالحيوانات اللامرئية.
وكشفت لجنة تحكيم الجائزة، التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار، أن القائمة الطويلة للمجموعات المؤهلة للدورة الخامسة جرى اختيارها من أصل 241 مجموعة قصصية تقدمت للمنافسة هذا العام.
وبالإضافة إلى ”سيرك الحيوانات المتوهمة” للكاتب المغربي أنيس الرافعي، تضمنت قائمة الأعمال المؤهلة «مدينة المرايا» للتونسي الأزهر الزناد، و”غيمة يتدلى منها حبل سميك” للأردنية أماني سليمان داود، و”بلاد الطاخ طاخ” للعراقية إنعام كجه جي، و”النمر الذي يدعي أنه بورخس” للعراقي ضياء جبيلي.
كما ضمت “دعابة الكاتب” للعراقي عبدالله طاهر، و”في مديح الكائنات” للمصري محمد رفيع، و”موسم الأوقات العالية” للمصري ياسر عبد اللطيف، و”أرض الخيرات الملعونة” للعراقية ياسمين حنوش، و”فالس الغراب” للأردني يوسف ضمرة.
وتشكلت لجنة التحكيم لهذه الدورة من الأكاديمي عبدالله إبراهيم، رئيسا، وعضوية كل من الأكاديميين: عبدالقادر فيدوح، خالد رمضان، مريم خلفان السويدي، عادل ضرغام.
وراعت اللجنة خصوصية النوع السردي للقصة القصيرة من جهة، ومرونة معايير التحكيم من جهة أخرى، وحافظت على التوازن بين الأمرين بما يحترم تماسك النصوص، ووحدة موضوعاتها، وتقدير قيمتها السردية، وقوتها الابتكارية. وأخذت اللجنة في حسبانها مبدأ: أن الأعمال الأدبية لا تكتب لكي تكافأ بالجوائز، إنما الجوائز هي التي تسعى إلى المميزة منها.
وخلصت لجنة التحكيم، بعد نقاشات مطولة، ونظر معمق في بنية مواضيع المجاميع القصصية وجدتها، إلى اعتماد قائمة طويلة تمثل مشهدا بانوراميا عن القصة القصيرة العربية اليوم.
ومن المنتظر إعلان القائمة القصيرة للجائزة، التي ستضم خمس مجموعات فقط في نونبر قبل إعلان الفائز أو الفائزة في دجنبر المقبل.
وتشتق الجائزة اسمها من الملتقى الثقافي، الذي أسسه ويديره الأديب الكويتي طالب الرفاعي وفي الوقت ذاته يشغل منصب رئيس مجلس أمناء الجائزة.
وتتبنى الجائزة جامعة الشرق الأوسط الأمريكية «AUM»، وعلى امتداد دوراتها صارت الجائزة واحدة من أهم الجوائز العربية التي تعنى بفن القصة القصيرة العربية.
وسبق للكاتب الكويتي طالب الرفاعي، مؤسس ومدير الملتقى الثقافي ورئيس مجلس أمناء، أن قال إن “جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، التي تنظم في الكويت ويتنافس فيها كتاب وأدباء من البلدان العربية، تعد مشروعا إبداعيا لتقديم ‘وجه مشرق ومختلف’ للعالم العربي والأديب العربي أمام الآخر في شتى أنحاء العالم”.
وأضاف الرفاعي “أن هذه الجائزة التي تقام بالشراكة مع الجامعة الأمريكية في الكويت، تأتي في وقت يقدم فيه الإعلام الغربي صورة بائسة عن الشرق عموما والعالم العربي بوجه خاص، مليئة بالإرهاب والاضطراب والتأخر والفقر”، معتبرا أن قضية الثقافة ينبغي أن تكون موضع اهتمام جميع الحكومات العربية.
وتدير الجامعة الأمريكية في الكويت شؤون جائزة الملتقى وتمول جميع متطلباتها المالية والإدارية. وتقوم الجائزة بترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنجليزية ونشرها.
واعتبر الرفاعي أن “الترجمة تعني لأي كاتب عربي الانكشاف على جمهور مختلف والانتقال إلى ثقافة حضارة أخرى وإلى قارئ آخر”. معتبرا أن مصدر فخر جائزة الملتقى أنها “تنتقل بهموم الكاتب العربي وتطلعاته وآلامه وآماله وأحلامه إلى القارئ الآخر”، مشددا على أن “جزءا من مهمتنا نشر الأدب العربي في العالم وهذا يتم عبر الترجمة”.
وبدا الرفاعي فخورا بأن جائزة الملتقى قد حفرت لنفسها مكانا بين الأدباء العرب بعيدا عن قيمتها المالية، مؤكدا أنه سعيد لأن الساحة الثقافية العربية صارت تشير إلى جائزة الملتقى بوصفها المشاركة الكويتية الأبرز على ساحة الجوائز العربية، مشيرا إلى أن المبلغ المالي لا يرفع من قيمة الجائزة، وإنما ما يرفع قيمتها هو الطريقة والشفافية اللتان تعمل بهما، إضافة إلى لجان التحكيم والأسماء التي تخرج بها الجائزة.
وأوضح أن القيمة المالية التي كانت مقترحة في البداية للفائز الأول كانت 50 ألف دولار، وقد تم اختصارها إلى 20 ألفا “لكن الفوز هو الأهم”، مشيرا إلى أن جائزة “غونكور” الفرنسية قيمتها المالية فرنك فرنسي واحد، ومع ذلك هي جائزة عالمية، تفتح لصاحبها كل أبواب الحضور والانتشار، وتكون مقدمة حتى للفوز بجائزة نوبل.