أسماء المدير

أسماء المدير: “في زاوية أمي” رحلة ذاتية عبر “بطاقة بريدية”

لم تكن مخرجة الفيلم تتصور أن فيلمها سيساهم في لفت أنظار العالم إلى قرية جبلية صغيرة

بيت الفن

بعد مشاركة متميزة في عشرات المهرجانات الدولية بهولندا وكندا وإيطاليا وجنوب إفريقيا..تواصل المخرجة المغربية، أسماء المدير، حضورها السينمائي، من خلال فيلمها الوثائقي “في زاوية أمي”، الذي منح المغرب الجائزة الكبرى للدورة الـ 27 لمهرجان تطوان السينمائي (10 – 17 يونيو 2022)، والجائزة الكبرى أيضا للدورة الـ13 للمهرجان الدولي للشريط الوثائقي «فيدادوك» (13 – 16 يونيو 2022) بأكادير.

عن هذا الفيلم، الذي لاقى ترحيبا واسعا بالخارج، قالت المخرجة الشابة أسماء المدير، في حوار خاص إنها خاضت رحلة ذاتية في ذكريات والدتها عبر بطاقة بريدية. 

وأبرزت أنها لم تكن تعتقد أن فيلمها سيساهم في لفت أنظار العالم إلى قرية جبلية هي «زاوية سعيد أحنصال»، مؤكدة أن المغرب يتمتع بمؤهلات طبيعية هائلة وتراث عريق، يتعين تسليط الضوء عليه من خلال الصورة باعتبارها وسيلة رائجة جدا، وربما الأكثر شعبية في الوقت الحالي.

كيف جاءت فكرة الفيلم؟

بدأت فكرة الفيلم من بطاقة بريدية قديمة عثرت عليها بين أمتعة والدتي، وعندما سألتها قالت إنها تعود لقرية ب»زاوية أحنصال» بإقليم أزيلال ولدت فيها، لكنها لا تتذكر عنها شيئا، حيث غادرتها وهي طفلة صوب منطقة الرحامنة.

وأنت تنطلقين من بطاقة بريدية ألم تخشين الوقوع في المحاذير والمطبات التي يمكن أن تقع فيها مثل هذه النوعية من الأفلام من قبيل الفولكلورية أو الإغراق في المشاهد النمطية للفقر والبؤس؟

في البداية كنت أنوي إنجاز فيلم آخر غير الذي صورته وشاهده الجمهور أي فيلم على شاكلة ما يستهوي السائح وما يرغب فيه من اكتشاف للطبيعة، كما في البطاقة البريدية وعلى هذا الأساس حاولت اكتشاف القرية التي رأت فيها والدتي النور، لكن الواقع على الأرض فرض أشياء أخرى. فشخصية أم العيد كانت الموجه والمحول الرئيسي للعمل نحو الوجهة، التي سار عليها، وبالتالي كان من المستحيل أن أنفذ المخطط الأول وأترك الحقيقة والقصة كما في الواقع.

ورغم صعوبة العيش في القرية فالحياة فيها مليئة بالجمال ومفعمة بالأمل في التغيير من أجل مستقبل أفضل للجيل الصاعد الذي تمثله أم العيد.

لقد حاولت أن أعكس في الفيلم جمال المنطقة وروح التحدي والأمل لدى سكانها وأيضا عمق الروابط الأسرية المتينة وهذا ما يتجلى بشكل واضح في علاقة أم العيد بوالدها المريض التي ركزت عليها بشكل مقصود لإبراز تماسك العائلة.

بعيدا عن الصور الفلكلورية أو البطاقة البريدية حرصت على إبراز غنى المنطقة من خلال التقاليد والأحاسيس المختلفة للسكان أثناء احتفالاتهم في المناسبات السعيدة في الأعياد والأفراح…

لقد شعرت بارتياح كبير لكوني نجحت في الخروج عن إطار «الكارت بوستال» وتكسير الصورة النمطية عن المرأة سجينة الواقع والظروف، وذلك من خلال تحدي وإصرار «أم العيد» على مواصلة تعليمها خارج الزاوية بتفهم ومساعدة عائلتها، خاصة شقيقها.

أيضا أظهرت صورا أخرى لتطور حاصل في المنطقة من خلال الأطفال، الذين يذهبون إلى المدرسة ويمرحون ويلعبون الكرة ويعرفون نجومها مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ويشاهدون برامج التلفزيون خاصة الرسوم المتحركة، كما ارتحت لتكسير بعض التقاليد والأساطير التي ترسخ هيمنة الذكور على الإناث.

والصورة النهائية للفيلم كانت نتيجة عمل استمر وتواصل لثلاث سنوات.

استغرق تصوير الفيلم 3 سنوات في قرية جبلية مازال سكانها يتشبثون بالتقاليد ويؤمنون بالأساطير المتعلقة بالزاوية، ما هي التحديات التي واجهتها أثناء التصوير؟

في البداية لم يكن من السهل كسب ثقة السكان، خاصة عندما يتعلق الأمر بوجود الكاميرا، لكن شيئا فشيئا بدأت الأمور تتغير.  لم أرغب في تصوير الطبيعة والناس والتقاليد، لكن ذلك جاء في سياق طبيعي لحكي وتتبع حياة الطفلة أم العيد، التي حاولت إسقاط حياتي وحياة والدتي على حياتها في حالة ما إذا عشنا في تلك القرية. فلو لم ألتق ب»أم العيد» لكان «في زاوية أمي» فيلم آخر، فالفيلم الوثائقي يبقى مغامرة مليئة بالمفاجآت.

هل يعني ذلك أن الكاميرا هي من تكتب الفيلم أثناء التصوير دون إعداد وكتابة؟ 

بطبيعة الحال الفيلم ليس نقلا أو تصويرا بالكاميرا، بل هو إعداد وكتابة بحث وجمع للمادة الخام ومراحل لكتابة السيناريو من أجل الوصول إلى النهاية المتوخاة، وهي مغادرة أم العيد الزاوية ومواصلتها دراستها وهذا انتصار بالنسبة إلي..

شاركتم في مهرجانات دولية مهمة كيف كان استقبال الفيلم ؟ترك الفيلم صدى طيبا في أوساط المهنيين ونال جوائز مهمة من بينها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل من مهرجان تورنتو لفيلم المرأة بكندا، وجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان «إنه واقعي» بإيطاليا…

كما كان الاستقبال رائعا من طرف الجمهور فكل العروض حققت إقبالا جماهيريا مكثفا إلى درجة أن جمهور مهرجان الدورة ال33 لمهرجان “إدفا” السينمائي في أمستردام بهولندا تابع الفيلم وهو جالس على الأرض.

وتفاجأت بالعديد من الأجانب، يزورون القرية الجبلية «زاوية أحنصال»، التي تدور فيها أحداث الفيلم، بعد مشاهدة الشريط.

قلتم إن الفيلم دفع العديد من الأجانب لزيارة القرية التي اكتشفتها من خلال بطاقة بريدية، فهل يمكن اعتبار الفيلم سفيرا لبلد أو منطقة ما في العالم؟

إن ذلك لا يتم بالضرورة بواسطة بطاقة بريدية بروح فولكلورية، لكن عن طريق موضوع يشد انتباه المشاهد للمكان، الذي تدور فيه الأحداث والتعلق بالشخصيات ثم الحمولة الثقافية. فالسينما تصل إلى المشاهد من خلال القصص، وإثارة الاهتمام لدى المشاهد ببلد أو ثقافة معينة.

وحول مكانة السينما كمحرك للتنمية السياحية، فإن السينما ليست وكالة سياحية أو فيلما ترويجيا، فهي فن يعبر عن وجهة نظر يمكن أن تكون مثيرة للاهتمام لذلك لا يجب جعل ما يزخر به بلد ما من مناظر طبيعية جميلة هدفا وحيدا للسينما.

فالمغرب يتمتع بمؤهلات طبيعية هائلة وتراث عريق، يتعين تسليط الضوء عليه من خلال الصورة باعتبارها وسيلة رائجة جدا، وربما الأكثر شعبية في الوقت الحالي.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

أسماء المدير وجواهين زنتار تستفيدان من 100 مليون سنتيم من السعودية

أسماء المدير وجواهين زنتار تستفيدان 103 آلاف و500 دولار من سوق البحر الأحمر السينمائي لإنتاج …