"دفاتر الوراق" للروائي جلال برجس

تتويج “دفاتر الوراق” للروائي جلال برجس بجائزة البوكر

قصة قارئ نهم مصاب بالفصام ينفذ سلسلة من الجرائم متخفيا وراء شخصيات روائية

بيت الفن

أعلن منظمو الجائزة العالمية للرواية العربية اليوم الثلاثاء 25 مايو 2021، عن فوز رواية “دفاتر الوراق” للكاتب الأردني جلال برجس بالجائزة في دورتها الرابعة عشرة لعام 2021.

وكشف شوقي بزيع رئيس لجنة التحكيم عن اسم الرواية الفائزة بالجائزة والصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، خلال فعالية افتراضية، والتي حصل جلال برجس بموجبها على الجائزة النقدية البالغة قيمتها 50 ألف دولار أميركي بالإضافة إلى تمويل ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية.

وقال بزيع في مسوغات تتويج برجس “قد تكون الميزة الأهم للعمل الفائز، فضلا عن لغته العالية وحبكته المحْكمة والمشوقة، هي قدرته الفائقة على تعرية الواقع الكارثي من أقنعته المختلفة، حيث يقدم المؤلف أشدّ البورتريهات قتامة عن عالم التشرد والفقر وفقدان المعنى واقتلاع الأمل من جذوره، بما يحول الحياة إلى أرخبيل من الكوابيس. ومع ذلك فإن الرواية ليست تبشيرا باليأس، بل هي طريقة الكاتب للقول إن الوصول إلى الصخرة العميقة للألم، هو الشرط الإلزامي لاختراع الأحلام والنهوض بالأمل فوق أرض أكثر صلابة”.

وقال ياسر سليمان رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية “تلتقي عوالم البؤس والتشرد في “دفاتر الوراق” في ثنائية يتشابك فيها التسجيل والتمثيل، تسجيل ما يدور وتمثيل ما كان، فتختلط الأزمنة والأمكنة، إلا أنها تبقى تراوح مكانها في عالم تندمج فيه الحقيقة والخيال. وعلى الرغم من محلية البؤس والتشرد في الرواية، إلا أنهما يبقيان لازمة إنسانية ينهل منها الأدب كلما فاض التهميش والتشظي في عوالم الفساد والإقصاء والخواء”.

وأضاف سليمان “دفاتر الوراق هي حكاية عمان التي تتجاوز نفسها وزمانها، على يد روائي يبسطها أمام أهلها كما فعل محفوظ مع قاهرته، فيسير القارئ في شوارعها، ويصعد جبالها، ويلتقي شخوصها، ويستذكر وراقها، ويتألم لحكاياتها، ويطل منها على إقليمه وعوالمه بخدر وكدر. الشكر لجلال برجس على ما صنع لقرائه بعين تلتقط التفاصيل دون أن تغرق فيها”.

وإثر الإعلان عن تتويجه قال جلال برجس، الفائز بالجائزة “شكرا للجائزة العالمية للرواية العربية فقد فتحت لي كل هذه الطرق الجميلة إلى القراء لتصل كلمتي التي عملت على أن تكون يدا تزرع البهجة في حقل الإنسانية”.

ويشارك برجس في حوارات صحافية يومي الثلاثاء 25 والأربعاء 26 مايو 2021، كما سيشارك في جلسة نقاش تعقد في معرض أبوظبي الدولي للكتاب مساء يوم الخميس 27 مايو، وعنوان الجلسة هو “الجائزة العالمية للرواية العربية: الاحتفال بالفائز بالجائزة والمرشحين في قائمة القصيرة”، حيث سيحاور الأكاديمي اللبناني بلال الأرفه لي الفائز بالجائزة والكتاب الستة حول عملية الكتابة وأهم محاور رواياتهم.

وكانت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية للعام 2021 برئاسة الشاعر والكاتب اللبناني شوقي بزيع، وبعضوية كل من صفاء جبران، أستاذة اللغة العربية والأدب العربي الحديث في جامعة ساو باولو بالبرازيل؛ ومحمد آيت حنا، كاتب ومترجم مغربي، يدرس الفلسفة في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء؛ وعلي المقري، كاتب يمني وصل مرتين إلى القائمة الطويلة للجائزة في عامي 2009 و2011؛ وعائشة سلطان، كاتبة وصحافية إماراتية، وهي مؤسسة ومديرة دار ورق للنشر ونائب رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

وجلال برجس شاعر وروائي أردني من مواليد 1970 يعمل في قطاع هندسة الطيران. عمل في الصحافة الأردنية لعدد من السنين وترأس عددا من الهيئات الثقافية وهو الآن رئيس مختبر السرديات الأردني، ومعد ومقدم برنامج إذاعي بعنوان “بيت الرواية”.

صدرت له مجموعات شعرية وقصصية وكتب في أدب المكان والروايات. حازت مجموعته القصصية “الزلازل” (2012) على جائزة روكس بن زائد العزيزي للإبداع، ونالت روايته “مقصلة الحالم” (2013) جائزة رفقة دودين للإبداع السردي عام 2014، كما فازت روايته “أفاعي النار” (في فئة الرواية غير المنشورة) بجائزة كتارا للرواية العربية 2015، وأصدرتها هيئة الجائزة في العام 2016. ووصلت روايته الثالثة “سيدات الحواس الخمس” (2017)، إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2019.

اختيرت رواية “دفاتر الوراق” من قبل لجنة التحكيم باعتبارها أفضل عمل روائي نشر بين 1 يوليو 2019 و31 أغسطس 2020، وجرى اختيارها من بين ست روايات في القائمة القصيرة لكتاب من الأردن وتونس والجزائر والعراق والمغرب، حيث كان الكتاب الذين ترشحوا للقائمة القصيرة، جلال برجس والحبيب السالمي وعبدالمجيد سباطة وعبداللطيف عبدالله وأميرة غنيم ودنيا ميخائيل. وتلقى المرشحون الستة جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكي.

وتقع أحداث “دفاتر الوراق” في الأردن وموسكو خلال الفترة بين 1947 و2019، وتروي الرواية قصة إبراهيم، بائع الكتب والقارئ النهم، الذي يفقد كشكه ويجد نفسه أسير حياة التشرد. وبعد إصابته بالفصام، يستدعي إبراهيم أبطال الروايات التي كان يحبها ليتخفى وراء أقنعتهم وهو ينفذ سلسلة من عمليات السطو والسرقة والقتل، ويحاول الانتحار قبل أن يلتقي بالمرأة التي تغير مصيره.

الرواية مجموعة من الدفاتر تتوزع بين إبراهيم وبين شخوص الرواية، وهم متقاطعون مع البطل، وتحكي مضمون هذه الحكاية المؤلمة والمتشظية. إنها حكاية المهمّشين الذين دائما ما ينظر إليهم بإهمال أو لا ينظر إليهم أصلا، حيث يعيشون إلى جانب نمو طبقة متنفذة فاسدة. كما تشير الرواية إلى أهمية البيت كرمز للوطن وتلامس واقعا صعبا ليس في الأردن فحسب بل في المنطقة العربية بشكل عام.

الرواية فيها الكثير من التناص مع الأعمال الأدبية الأخرى التي أثرت في شخصية الوراق. لكن برجس يلفت إلى أن ذهابه إلى تلك الشخصيات الروائية لم يكن إلا رصدا لحركة الزمن في الممر الإنساني نحو الحياة، حين وجد أن تلك الحركة لم يطرأ عليها تغيير سوى القشرة، فأزمة سعيد مهران في “اللص والكلاب” هي ذاتها أزمة إبراهيم الوراق، وأزمة الوراق هي أزمة كوازيمودو في “أحدب نوتردام”. لذا فاستدعاؤه لتلك الشخصيات لا يندرج في باب التناص بقدر ما يأتي في باب محاكمة اللحظة الزمنية للشخصيتين. فقد استغرق الوراق على مدار سنين عمره في القراءة لكنه انتمى إلى تلك الشخصيات التي كانت تشبهه في الكثير من المناحي لهذا كان يتقمصها بسهولة مرضية.

واستخدم الكاتب تقنية الأصوات المتعددة في الرواية مما أدى إلى رؤية أكثر من زاوية خلال القراءة، حيث رسخت هذه التقنية ديمقراطية السرد في الرواية، كما منحت الشخصيات حريتها في التعبير والحركة وبالتالي ساهمت في ذهابها إلى مصائرها بكل حرية. وتحيل هذه التقنية القارئ إلى نص صادق مقنع وفيه مساحة كبرى يتسنى للقارئ خلالها أن يكتب عبر فعله القرائي روايته الخاصة.

ويذكر أن الجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي في اللغة العربية، ويرعى الجائزة حاليا مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما تحظى الجائزة بدعم من مؤسسة جائزة بوكر في لندن.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

محسن الوكيلي..كاتب مغربي يبلغ القائمة الطويلة لجائزة “البوكر”

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية، اليوم الأربعاء 26 يناير 2020، عن الروايات المرشحة لقائمتها الطويلة لعام 2022، وضمت 16 رواية...