الماكياج أحد عناصر نجاح العمل الفني
لا يوجد فن بدون موهبة والدراسة وحدها لا تكفي
بيت الفن
بلمسة فنية ساحرة من أناملها المدربة تفاجئنا بانقلاب شامل في وجوه فنانين طالما أحببناهم وألفناهم وعهدنا فيهم الجمال، بلمساتها التي تجمل وتشوه، استطاعت أن تغير وجوها من النقيض إلى النقيض وأن تضيف آثارا لجروح وندوب وحروق على الأجساد، وأن تتفنن في إخفاء العيوب والخروج بالوجه في شكل جديد لا يتوقعه الآخرون.
تجد في فن الماكياج، الذي مارسته منذ عقدين متنفسها الإبداعي، ولعل ذلك كان دافعها للتخصص في “الميكاب” الماكياج السينمائي والمسرحي، الذي أتاح لها ممارسة هوايتها باستمتاع وحب حقيقين.
إنها سعاد العطار خبيرة التجميل والماكياج المسرحي والسينمائي، التي تركت بصمتها في العديد من الأعمال الفنية الناجحة مثل “دار الضمانة” وسلسلة أفلام “ساعة في الجحيم” و”وعدي” و”رضاة الواليدة” والفيلم السينمائي “بورن أوت”والقاىمة طويلة.
في حوارنا معها نتلمس المزيد عن فنها وأسلوب عملها ووجهة نظرها في المكياج، الذي تعتبره أحد عناصر نجاح العمل الفني سواء في المسرح أو التلفزيون والسينما.
باشتغالك مع أبرز المخرجين المغاربة لمع اسمك بقوة في عالم ا لمكياج السينمائي، هل يمكنك أن تحدثينا عن رحلتك في هذا المجال؟
منذ الطفولة وأنا أهوى فن الماكياج كنت استعمل أقلام الملونات المدرسية لأجمل بها أخواتي وصديقاتي بدلا من مساحيق التجميل، غير واعية بخطورة هذه المواد، وظل حلم أن أصبح مختصة ماكياج يعيش معي ويكبر طيلة فترة الدراسة حتى التحقت بعد الباكالوريا، بإحدى المدارس المختصة، حيث نلت شهادة عليا لكن طموحي لم يتوقف فسافرت إلى باريس وأتممت تعليمي في إحدى أرقى مدارس الماكياج السينمائي متحدية عائلتي المحافظة لرفضها المهنة.
وبعد عودتي إلى المغرب بدأت مساري المهني بأول تجربة مع المخرج الفرنسي جورج لومولان كان عبارة عن وصلة اشهارية ومن هنا كانت انطلاقتي واحترافي لهده المهنة التي أحبها كثيرا.
ما هي الخطوات التي تتبعينها في رسم شخصيات العمل السينمائي؟
قبل الشروع في العمل أقوم بقراءة السيناريو جيدا لفهم قصة الفيلم، ومن خلالها يتم تحديد ملامح الشخصيات.
أجري عدة جلسات عمل مع مخرج الفيلم لمعرفة ما يريده من الشخصية، لأن المخرج يكون له تصور معين لشكل الشخصية، لذلك فالتنسيق يوحد الرؤية ويرضي جميع الأطراف بما فيها الممثل الذي يؤدي الشخصية، الذي ينبغي أن يكون راضيا عن ماكياجه ليؤدي دوره بارتياح تام.
بعد الاتفاق وقبل بدء التصوير أعمل على تحضير كل المستحضرات اللازمة للعمل. تم أعمل على تحديد العيوب ومحاولة إخفائها بطريقة احترافية.
والمطلوب في هذه المرحلة الدقة في التركيز وقوة الملاحظة، لأن الماكياج يشكل 50 في المائة من الشكل الخارجي للشخصية ويعتبر أحد عناصر نجاح العمل سواء في المسرح التلفزيون والسينما والعكس صحيح.
وأشير هنا إلى أن السرعة في العمل ضرورية لتفادي التأخير.
هل يعتمد النجاح في هذا المجال على الموهبة فقط أم أن هناك دراسة وتكوين في المجال؟
لا يوجد فن بدون موهبة، كما أن الدراسة وحدها لا تكفي لصنع فنان متمكن من أدواته، لكن بالممارسة والبحث وتبادل التجارب والاشتغال في أعمال متميزة مع مخرجين متمكنين، كل هذا يساعد على كسب المزيد من الخبرة والمهارة.
باختصار لابد من توفر الموهبة أولا ثم الدراسة، إضافة إلى الاحتكاك بالتجارب الأخرى والممارسة المستمرة.
ما هي أبرز الأعمال التي تعتزين بالمشاركة فيها؟
اعتز بعدة أعمال اشتغلت بها وكانت أعمالا ناجحة مثل “دار الضمانة” وسلسلة أفلام “ساعة في الجحيم” و”وعدي” و”رضاة الواليدة” والفيلم السينمائي “بورن أوت”والقائمة طويلة.
ما الذي يميز المكياج السينمائي عن العادي، وهل هناك فرق بين المكياج في السينما والمسرح والتلفويون؟
نعم هناك اختلاف بين ماكياج المسرح والتلفزيون والسينما فالماكياج بالمسرح يعتمد على المبالغة في وضع مساحيق التجميل والألوان الصاخبة، لكي يتمكن المتفرج من رؤية ملامح الشخصية حتى ولو كان يجلس في آخر مقعد، إضافة إلى أن الإضاءة تكون أحيانا ضعيفة.
اما في التلفزيون فتقل المبالغة في كمية المساحيق، ويتم تفادي الألوان القوية لأن هناك عدسة كاميرا تركز على وجه الممثل وتبرزه لذلك يجب وضع ماكياج ملائم لظروف الشخصية حتى تكون لها مصداقية عند المشاهد، ويجب ألا ننسى المهمة الصعبة وهي احترام “راكور” لتفادي الأخطاء، فأهمية الماكياج في الأعمال التلفزيونية مهم جدا.
أما الماكياج الخاص بالسينما فهو أنواع منه الماكياج العادي لتحديد ملامح الشخصية، وماكياج المؤثرات الخاصة الماكياج التشويهي وهناك ماكياج أفلام الخيال العلمي، الذي لا يمت للواقع بصلة أبطاله شخصيات خيالية، وهناك أيضا المكياج التاريخي وهو من أصعب أنواع الماكياج، إذ يتطلب دراسة عميقة للشخصية لأنها معرض للمقارنة مع الشخصية الحقيقية.
يشتكي بعض الفنانين من استعمال بعض المشتغلين بمهنة الميكاب موادا مقلدة ورخيصة، ما هي المنتجات التي تفضلين العمل بها؟
تتعدد مواد الماكياج، حسب الجودة، لذلك أحرض على اختيار النوعية الممتازة، لأنها تساعدني أكثر في عملي، سواء في ما يتعلق بسهولة استعمالها أو حفاظها على البشرة، بحيث لا تسبب الضرر، خصوصا تحت الأضواء لأن المواد الجيدة تدخل في تركيبتها مواد واقية من أضرار الإضاءة، أما بالنسبة لماكياج المؤثرات الخاصة فاختار عدة خامات كل واحدة منها لها غرض معين مثل الجروح والندوب والحروق باختلاف درجاتها والدم بأنواعه.
هناك أيضا مواد خطيرة، لذلك يجب أخذ كل الاحتياطات أثناء وصنع المؤثرات، لأن جهل استخدامها قد يؤدي إلى أضرار على مستوى البشرة والعين، كما يجب مراعاة مدة صلاحية كل المواد المستعملة، دون أن ننسى جانب النظافة والتعقيم فهو من الأولويات في هذا الميدان.
هل تواجهين صعوبات في العمل..؟
نعم هناك صعوبات كثيرة، منها مايتعلق بقساوة الطبيعة والطقس في مناطق صحراوية وجبلية، حسب مكان التصوير، حيث نضطر أحيانا للعمل في عز الصيف حيث تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة في الجنوب، وفي عز البرد، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر، وأحينا نعمل طوال الليل أو نستيقظ قبل بزوغ الفجر باختصار نعمل لأكثر من 12ساعة يوميا، ولمدة طويلة تتعدى 3 أشهر في المسلسلات بعيدا عن العائلة، إذا كان التصوير في مدينة أخرى، كل هذا يؤثر سلبا على مواعيد النوم والأكل…
إلى أين يسير فن المكياج السينمائي في المغرب؟
يسير فن الماكياج في المغرب في الاتجاه الصحيح وهناك تطور ملموس في المجال مقارنة مع السنوات المنصرمة، وتحديدا فترة (الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم) وبشهادة صناع السينما، فالأعمال السينمائية شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الكم أو الكيف (30 فيلما مغربيا طويلة في السنة).
كما أن الزيادة في عدد الإنتاجات العالمية التي تصور بالمغرب ساهم في بروز كفاءات لا يستهان بها في مجال المكياج والخدع السينمائية والمؤثرات الخاصة،
ورغم هذا التطور إلا أننا مازلنا في حاجة معاهد او مدارس متخصصة في هذا النوع من الماكياج، إذ لا نتوفر سوى على معهد واحد تابع للدولة بمدينة وارزازات طاقته الاستيعابية غير كافية وشروط الولوج إليه غير متيسرة، لذا تبقى بلاتوهات التصوير هي المدرسة المتوفرة لاكتساب الخبرة.
ما هي طموحاتك وخطواتك المقبلة؟
طموحاتي هي أن تصل الأفلام المغربية إلى مستوى يشرف المهنيين في هذا المجال، وأن تكون هناك جوائز في المكياج كما هو الشأن في أمريكا، لأن المكياج يعد أحد عناصر نجاح العمل الفني كما قلت آنفا.
كما أطمح إلى المزيد من الدورات التكوينية سواء في كندا وأمريكا لأطور مهاراتي وأواكب كل التطوات التي تحدث في المجال، لأن فن ماكياج السينما دائما في تطور سواء في شكل الشخصية او في المواد المخصصة.
كما أتمنى أن تتوفر الخامات المطلوبة في العمل، لأننا نحصل عليها بصعوبة لعدم تواجدها بالمغرب.