المهم أن يكون الفيلم جيدا ولا يهم إن كان من توقيع امرأة أو رجل
اختيرت أفلامها لتعرض في مهرجانات البندقية وكان وبرلين، وإلى جانب عملها في إنتاج الأفلام. أسست ورشة المشاريع السينمائية في إطار مهرجان قرطاج السينمائي في عام 1992، فضلًا عن ورشة عمل “سود إكريتور” (كتّاب الجنوب) في عام 1997 المستمرة بإدارتها حتى يومنا هذا. يُضاف إلى ذلك أنها منخرطة بشكل نشط في تدريب الأشخاص في إطار “سينما بلدان الجنوب” والترويج لهم، وعينت رئيسة “صندوق الجنوب” في عام 2010، ورئيسة برنامج التمويل التابع للمركز السينمائي الفرنسي (CNC) لدعم السينما العالمية في عام 2012، اختيرت مديرة لمهرجان قرطاج الدولي لثلاث دورات متتالية، كما اختيرت ضمن قائمة أكثر الشخصيات تأثيرا في إفريقيا سنة 2017…
إنها المنتجة السينمائية التونسية درة بوشوشة، ضيفتنا التي تم تكريمها في حفل اختتام المهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا، تقديرا لإسهاماتها المتعددة، وكان لنا معها الحوار التالي:
حاورتها من سلا: سعاد العطار
ما هو تقييمك للمهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا ؟
أنا أول مرة أزور مدينة سلا، جئت بالأمس وكنت قبل ذلك بواكادوكو، حيث شاركت في إحدى الورشات التكوينية.
أول انطباع عن المهرجان أنه لقاء جميل فيه ديناميكية، وفيه التزام تجاه قضايا النساء، ورغم أنني لم أتابع الأفلام بشكل جيد نظرا للوقت الغير الكافي لمشاهدتها، إلا أنني أعتقد أنها أفلام جيدة في المجمل.
ما هو شعورك ومهرجان سلا يحتفي بالسينما التونسية في الدورة 13؟
أشكر إدارة المهرجان على تكريم السينما التونسية، التي أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر إشعاعا، داخل وخارج تونس، حيث توجت في مهرجانات كبرى بالصين وأمريكا وأوروبا. ورغم عدم وجود صناعة سينمائية، فنحن بصدد العمل على تكوين شباب سيواصلون العمل من أجل سينما تونسية تصل إلى جميع أنحاء العالم.
تترأسين مهرجان منارات للسينما المتوسطية، لماذا اختيار هذا الاسم؟
* منارات هي جمع المنارة أو الفنار وهي عبارة عن برج أو مبنى يقع بالقرب من الشاطئ أو في عرض البحر، ويبعث الضوء من منافذ في أعلى المنارة عن طريق مصدر ضوئي كالمصابيح أو الكشافات أو العدسات الضوئية و قديما كان مصدر الضوء هو إشعال النار. وبما أننا من سكان جنوب البحر الأبيض المتوسط، فإننا نعيش مأساة يومية بسبب أولادنا، الذين يموتون في عرض البحر جراء الهجرة السرية. لذلك فالمنارة رمز للنجاة.
عموما المهرجان يقام على الشاطئ (سيني بلاج) وهو مخصص لجمهور الشباب، فمن خلاله نعرض أفلام مسلية، ولكنها في الوقت ذاته تطرح قضايا تدفع المشاهد إلى التفكير وطرح الأسئلة.
بحكم تجاربك السينمائية، هل السينما عالجت كل القضايا التي تعاني منها المرأة، سواء كانت اجتماعية أو نفسية؟
لا أنظر للسينما كمعالَجة لموضوع معين، لكن يبقى حسب رؤية المخرج للموضوع ومعالجته للإشكال المطروح، مثلا موضوع الحب، مليون مرة تمت معالجته سينمائيا.
أنا أحب وأفضل مشاهدة أفلام ذات مواضيع مهمة، ويبدو لي أن المعالجة هي الأهم. وتبقى رؤية المخرج هي الحاسمة.
المشاهد عندما يشاهد فيلما من أجل تغيير العالم، فهذا غير صحيح. لأن الفيلم لا يغير العالم، لكنه يدفع إلى طرح الأسئلة، في قالب مسلي يشجع الشباب على مشاهدة الأفلام، ويمنحه الإحساس بالمتعة.
لإنتاج فيلم وإخراجه يجب التحلي بالصبر والرغبة والحماس، لأننا نخاطب العالم، فهناك رسالة يجب أن تصل إلى الجمهور.
أنا كمنتجة أقوم بمساعدة الشباب ومواكبتهم، خصوصا الذين أجد لديهم حسا إبداعيا. أقول ما هي الحاجة الملحة لهذا الشخص لإنجاز فيلم، ولماذا اختيار هذه التيمة أو تلك، أو هذه الإشكالية دون تلك.
وأرى أن الموهبة لوحدها غير كافية لممارسة العمل السينمائي، لأن السينما تتطور باستمرار، لذلك فإن الموهبة تحتاج إلى دراسة وصقل.
وأعتقد أن العمل السينمائي عمل جماعي، ولهذا أهتم بكل أجزاء عملي بشكل جيد ومفيد وفيه نوع الصرامة.
هل المرأة نالت حظها في السينما مقارنة بالرجل، حيث أن مشاركتها في المهرجانات قليلة، ما رأيك في ذلك؟
عبر تاريخ السينما الرجل هو من كان يملك الأدوار الرئيسية. وفي العالم العربي، المغرب تونس الجزائر مصر ولبنان، هناك نساء كثيرات يشتغلن في مجال السينما، هناك المخرجة المغربية مريم التوزاني التي شاركت أخيرا في كان بفيلمها “أدم” وهناك الجزائرية منية مدّو مخرجة فيلم “بابيشة” الذي شارك، أيضا، في مهرجان كان، وهناك المخرجة التونسية هند بوجمعة صاحبة فيلم “نورا” وهناك كوثر بن هنية…
في تاريخ السينما الرجال أكثر من النساء، لكن هناك مخرجات كثيرات في تونس، وكذلك في المغرب فهناك المخرجة المغربية الشابة أسماء المدير، التي أتعاون معها حاليا في فيلمها الروائي الأول.
هل تؤمنين بأن هناك سينما نسائية، وأخرى للرجال؟
المهم أن يكون الفيلم جيدا، ولا يهم إن كان من توقيع امرأة أو رجل.
كيف ترين واقع السينما المغربية والعربية في الوقت الراهن؟
هناك تطور مهم وانتشار واسع للسينما المغربية والعربية في جميع أنحاء العالم، فهناك حضور نوعي وكمي للأفلام العربية في المهرجانات الكبرى، نجحت السينما العربية في تقديم نفسها بشكل جيد في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الـ76، إذ اقتنصت الأفلام العربية المشاركة مجموعة من الجوائز المهمة، فاز الفيلم السوداني “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبوالعلاء بجائزة “أسد المستقبل”. ومن لبنان فاز فيلم “جدار الصمت” للمخرج أحمد غصين بـ3 جوائز دفعة واحدة، وذلك خلال عرضه ضمن مسابقة “أسبوع النقاد”، وهي جائزة أحسن فيلم والجمهور وأفضل مساهمة فنية.
كما ظهرت السينما السعودية بشكل قوي ومؤثر في المهرجان بفيلم روائي طويل يحمل اسم “سيدة البحر” وفازت مخرجة الفيلم شهد أمين بجائزة “فيرونا” عن فئة الفيلم الأكثر إبداعا، ومن تونس حصل فيلم “عرايس الخوف” للمخرج نوري بوزيد على الجائزة الخاصة لحقوق الإنسان.
الظهور العربي القوي في مهرجان فينيسيا جعل أنظار العالم تتجه نحو السينما العربية ومبدعيها، وكشف أيضا عن تطور لافت للنظر في السودان والسعودية في مجال السينما.
كما تألقت السينما العربية من قبل في كان من خلال فيلم “كفر ناحوم” للمخرجة اللبنانية نادين لبكي المتوج بجائزة التحكيم في الدورة 71 من مهرجان كان، وفيلم “يوم الدين” للمخرج أبو بكر شوقي المتوج بـ”جائزة فرانسوا شاليه”.