سلا: خديجة الطاهري (و م ع)
لم يكن التقاء المخرج المغربي أحمد بولان والممثلة الإسبانية إستر ريجينا في حوار السينمائيين، ضمن فعاليات المهرجان الدولي لسينما المرأة بمدينة سلا في نسخته الـ13، بمحض الصدفة، بل كان خوضا مقصودا في مسارين متقاطعين في الحياة والسينما.
فالانتماء إلى أسرة فقيرة، وصعوبة الحياة التي وسمت طفولتهما، والعودة للاستقرار في الوطن الأم، لم تشكل القواسم المشتركة الوحيدة بين الفنانين، إذ أن هجرتهما إلى بلدان مختلفة واشتغالهما في فرق مسرحية خارج الديار وشغفهما بالصورة والسينما، أسهم في بناء مسارين متفردين يمتحان من المعاناة لتقديم سينما ذات حمولة إنسانية متفردة.
“أنا كالسيد أحمد بولان أنتمي إلى أسرة متواضعة وترعرعت في حي شعبي وفقير ومهمش معروف في إسبانيا”، تقول الممثلة استر ريجينا خلال لقاء السينمائيين.. نظرة متقاطعة، مضيفة “حتى الأفلام التي أخرجها الفنان بولان، لا سيما فيلم “عودة الابن”، تعكس في كثير من جزئياتها وفضاءاتها جانبا مهما من حياتنا”، فالانتماء إلى بلدين يجمعهما تاريخ مشترك، وتناول مواضيع تتعلق بالهجرة الاقتصادية والسياسية التي تهم المغرب وإسبانيا، كلها نقط متقاطعة بينها وبين المخرج بولان.
اشتغلت الممثلة الإسبانية، التي غادرت إسبانيا لدراسة الفنون المسرحية في بروكسيل، لسنوات مع فرقة “تياترو إسبانيول دو بريسيلاس”، وكانت من الأعضاء المؤسسين لها، فحققت بذلك حلما راودها منذ الطفولة.
تنقلت ريجينا، التي أكملت دراستها في جامعات السوربون وغرونوبل وميتز بفرنسا وسارلاند بألمانيا، للعمل بين مختلف البلدان، ومثلت أدوارا بلغات شتى (الإسبانية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإنجليزية)، فتوج عملها ببناء مسار متفرد. ومنذ عودتها إلى إسبانيا، عملت في مجالات المسرح والتلفزيون والأفلام تحت إشراف العديد من المخرجين المرموقين، خاصة لوكاس فرنانديز، وسيغفريد مونلون وكارلوس إغليسياس.
أما المخرج والمنتج وكاتب السيناريو أحمد بولان، الذي سافر بدوره إلى إيطاليا للدراسات السينمائية، ليصبح بعد ذلك عضوا في فرقة “مختبر ميلانيز”، فينتمي، مثله في ذلك مثل إستر ريجينا، إلى السينما الكلاسيكية، إذ يحاول في أفلامه تقديم المرأة في كل تجلياتها، لا سيما المرأة الشجاعة والمكافحة.
وتحدث بولان، الذي تقاطعت أفلامه، دون قصد، في كثير من تفاصيلها مع حياة الممثلة إستر ريجينا، والذي ارتحل كثيرا بين الدول الأوروبية، بطريقة عفوية وانسيابية، عن كتابه “حياتي جميلة”، الذي يعد سيرة ذاتية حقيقية تروي فصول حياة متأرجحة بين الفرح والألم، وبين والغضب والمصالحة.
وحسب مخرج “علي، ربيعة والآخرون”، و”ملائكة الشيطان” و”عودة الابن” وجزيرة المعدنوس”، فهو ليس روائيا ولا يتقن كتابة الجمل، بل ألف كتابه بطريقة يغلب عليها الطابعان التصويري والسينمائي ليروي قصته الخاصة في قالب مختلف تماما.
وعمل بولان، وهو من مواليد مدينة سلا سنة 1956، في مجال التمثيل بين عامي 1974 و1979 في المسرح القومي المغربي وفرقة اﻹذاعة والتلفزيون القومية في مدينة الرباط، لكنه دخل عالمي الكتابة واﻹخراج في أواخر التسعينيات بعد سنوات قضاها في العمل في مجال الانتاج.
وأصبحت المسيرة المهنية للمخرج بولان، الذي حازت أفلامه على جوائز وطنية ودولية، متكاملة من خلال مهن الصورة في السينما والإعلان على التوالي، كممثل ومساعد مخرج ومدير لاختيار الممثلين للأفلام الدولية.