التأجيل يعني بكل بساطة أن المغرب لم يستطع تجاوز النكبة، وأن مواطنيه غير مستعدين لاستئناف حياتهم العادية، وأن ما يقال عن تلاحم المغاربة مجرد شعارات خاوية، بينما يعلم الكل أننا كنا ولا زلنا جسدا واحدا، ملكا شعبا وحكومة…
عبد الإله الجوهري
لا لتأجيل المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، لأن التأجيل يعني بكل بساطة أن المغرب لم يستطع تجاوز النكبة، وأن مواطنيه غير مستعدين لاستئناف حياتهم العادية، وأن جراحهم عميقة لم يستطيعوا تضميدها، وأن ما يقال عن تلاحم المغاربة مجرد شعارات خاوية، بينما يعلم الكل أننا كنا ولا زلنا جسدا واحدا، ملكا شعبا وحكومة.
صحيح أن الجراح ثخينة، لكن إرادة شعبنا صلبة، ونظامنا في مستوى المسؤولية، وبالتالي لا شيء بإمكانه عرقلة انطلاقتنا.
من أجل ذلك، وجب التفكير قبل اتخاذ أي قرار، قرار قد يبدو سليما ومنطقيا، لكنه في العمق سيعطي، لمن لا يريد لبلدنا أن تكون صورته ناصعة، الفرصة للوك الكلام وترديد الأكاذيب، بل والإمعان في التشفي، خاصة ومغربنا مقبل على تنظيم أحد أكبر التظاهرات الاقتصادية في العالم، حيث من المرتقب أن يحتضن المؤتمر الدولي لصندوق النقد، بحضور، تقريبا، كل وزراء المالية والتجارة لدول العالم، مؤتمر يصر المغرب على تنظيمه في وقته المحدد، بالمدينة الشامخة مراكش الحمراء، إصرار يجابه بمؤامرات بعض البلدان التي تنظر بعين السخط لهذه الهيمنة المغربية على كل شيء وفي كل المجالات وهذا الحضور الوازن.
نعم يريدون الضغط على مسؤولي صندوق النقد لاختيار بلد ثان، أو في أحسن الأحوال تأجيله، بينما ترى حكومتنا أن لا سبب للتأجيل، فحاضرة ابن تاشفين لم تتضرر، وفنادقها مشتغلة بكامل طاقاتها، وحجوزات السياح لم يتم إلغاؤها…، بمعنى: أن كل شيء على ما يرام، والساكنة لا تريد أن تعيش الخواء الذي عاشته خلال وباء كوفيد، حيث توقفت الحياة من خلال هروب السياح وإغلاق كل المؤسسات آنذاك، وتواري الفعاليات الثقافية والفنية الشيء الذي أصاب المدينة بالشلل وقتها كاد أن يقضي على سمعتها وحضورها الدولي.
يجب أن تستمر الحياة في مجموع ربوع مملكتنا، طبعا دون أن ننسى ساكنة المناطق المنكوبة، والبقاء معهم، إلى جانبهم، ومساندتهم مساندة مطلقة والقضاء بشكل نهائي على آثار الزلزال والانتصار للحياة.
مهرجان طنجة فعالية فنية ثقافية وطنية، وليست فعالية لإضاعة الوقت أو مجرد أيام للمزايدة، وتنظيمه يمكن أن يتم بشكل مغاير للدورات الماضية، أي دون بهرجة أو سجاد احمر، ويكتفي بالعروض وتنظيم حفلي الافتتاح والاختتام، وخلال ذلك الاحتفاء ببعض مبدعينا الكبار بشكل محترم يليق بأجواء المرحلة.
تنظيم المهرجان الوطني للفيلم جسر لتنظيم باقي التظاهرات أساسا المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، والتأكيد من خلال ذلك على أننا هنا باقون فوق صدور من يريدوننا أن نتراجع، وشوكة في حلق من يكرهون الحياة، ونار في عيون من يريد أن يرانا ساكنين واقفين عاجزين.
نعم لتنظيم مهرجان الفيلم الوطني بطنجة وكل المهرجانات والفعاليات، ثقافية كانت أو اقتصادية… نحن دائما أقوى….