بيت الفن
فرض تفشي فيروس كورونا المستجد على الكثيرين العمل من المنزل، ويعد هذا التوجه حلم غالبية الزوجات والأمهات، ورغم جوانبه الإيجابية المتمثلة في قضاء المزيد من الوقت مع الزوج والأبناء، مما يساهم في تعزيز الحياة الأسرية، إلا أنه يفرض ضغوطا كبيرة خاصة على المرأة، التي تجد نفسها مضطرة للتوفيق بين عملها وواجباتها تجاه زوجها وأطفالها.
إيجابيات لا تحصى للعمل من المنزل، إلا أنه لا يخلو من سلبيات بسبب الحياة الزوجية والأسرية التي تتطلب التفرغ لإدارتها، وربما تكون الضغوط التي تعيشها الزوجة العاملة والأم أقل عند عملها من المنزل، إلا أنه لا يمكن الحديث عن راحة تامة لأنها لا يمكن أن تتخلص من التزاماتها الزوجية والأسرية.
وكشفت دراسة أُجريت عام 2016 أن العمل عن بعد له تبعات سلبية واسعة، منها أن يقضي الناس وقتا في العمل كان من الممكن قضاؤه مع العائلة أو الأصدقاء، وذلك لأن الحدود بين حياتهم الشخصية والعمل تصير أقل إحكاما، وهكذا ينتهي بهم الحال يعملون لساعات أطول.
وقال الخبراء إنه يمكن أن يواجه الأشخاص الذين يعملون عن بعد صعوبة في الانفصال عن العمل وعن التكنولوجيا التي تتيحه، الأمر الذي يسهم في عواقب وخيمة متمثلة في انحسار التواصل المباشر والشخصي في الحياة الواقعية والأسرية.
وقالت شيري توركلي، أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إنه عندما يعتمد الناس على التكنولوجيا للتوسط في تفاعلاتهم، فإنهم ينسون ضرورة المحادثات الواقعية الشخصية في علاقاتهم، وقدرتهم على الإبداع وإظهار التعاطف، وهي تفاعلات جوهرية من أجل سعادة الإنسان.
وأشارت إلى أنه بينما تتخذ الأمور مسارا مختلفا، سيكون علينا السعي والمحاربة من أجل التواصل الشخصي والتفاعلات المباشرة. وسيتطلب الحفاظ على الخصائص التي تميزنا عن الآلات، مثل التعاطف والحاجة إلى التواصل العاطفي والجسدي مع الآخرين، مجهودا.
وأوضح أخصائيو العلاقات الزوجية والأسرية أن الأمهات العاملات من المنزل يواجهن كثيرا من الصعوبات، حيث تعيش الزوجة في ضغط نفسي ناجم عن محاولة التوفيق بين المهام المنزلية وإنجاز مطالب العمل وقضاء وقت مثمر مع الأطفال والزوج، حتى أن هؤلاء الأمهات يقعن تحت ضغط مهام منزلية تزيد على المهام الاعتيادية للأم العاملة من المكتب.
ونبهوا إلى أن تداخل الوقت لدى الأم العاملة من المنزل، يجعل بعض المهام المنزلية وإنجاز بعض مهام العمل لا يكتمل بسبب المقاطعة الدائمة من الصغار، وينتهي اليوم بالمزيد من الشعور بالتقصير والفشل لكونها لم تستطع إنجاز أي أمر على النحو الأمثل سواء في مهام العمل أو الواجبات المنزلية.وقد تشعر الزوجات والأمهات العاملات من المنزل، بالتقصير في حقوق أطفالهن وأزواجهن، لذلك يجب عليهن نبذ الشعور بالذنب تماما والعلم أنهن يقدمن أفضل ما يمكن تقديمه.
وكشفت دراسة شملت أكثر من 24 ألف شخص في 95 دولة، ركزت على سلبيات العمل من المنزل، أن نسبة الأشخاص الذين واجهوا صعوبات في العمل بالمنزل بسبب مطالب العائلة أو الأطفال بلغت حوالي 59 في المائة.
وبلغت نسبة الأشخاص الذين واجهوا صعوبات بسبب عدم قدرتهم على التركيز حوالي 43 في المائة.
وأكد المختصون أن العمل في المنزل قد يؤثر سلبا على العلاقة الزوجية، وتظهر تداعياته تدريجيا عند استمراره لوقت طويل، مثل عدم المرونة الكافية التي تمكن المرأة من القيام بعملها بكفاءة دون أن يؤثر ذلك على بيتها وعلاقتها بزوجها وتربيتها لأطفالها.
ولفتوا إلى أنه رغم المرونة التي يتمتع بها العمل من المنزل إلا أنه لا يلغي التزامات المرأة الأسرية، فالمرأة العاملة سواء من المنزل أو خارجه يجب عليها أن توفق بين وظيفتها وواجباتها الزوجية والعائلية مع تنظيم وترتيب وقتها للقيام بكافة مسؤولياتها بحسب دوام عملها كي لا يتذمر زوجها من عملها أو يتهمها بالتقصير ما يوقعها في مشاكل زوجية لا حصر لها.
وأضافوا أن هذا النوع من العمل قد يسبب انزعاجا لدى الشريك، مشددين على ضرورة أن تعتمد الزوجة على بعض المعايير في هذا الإطار لتتجنب الخلافات الزوجية، مشيرين إلى أن إنجاز العمل من المنزل قد يجعل المرأة تعاني من صعوبة التوقف لذلك يجب عليها أن تحدد أوقات عملها كي لا تتعدى ساعات معينة تنجز خلالها مهامها المهنية لتتفرغ بعدها للأمور المنزلية والعائلية.
وأشاروا إلى أن عمل المرأة من المنزل قد يجعلها تهمل العناية بمظهرها الخارجي مما يؤثر على علاقتها بزوجها، حيث كشفت البحوث أن اهتمام الزوجة بمظهرها يعتبر من أسباب السعادة الزوجية.
وقالوا إنه من الطبيعي أن يترافق أي عمل مع الضغط والتوتر لكن عندما تكون الزوجة تعمل من داخل المنزل سينعكس توترها المهني سلبا على علاقتها بزوجها لذلك يجب عليها ضبط هذا التوتر وكبت ردود أفعالها لتحافظ على هدوء علاقتها الزوجية.
ونصح الخبراء النساء العاملات من المنزل، بضرورة التخطيط للعمل لليوم التالي كل ليلة، من خلال تحديد جدول للمهام اليومية، حتى لا تتراكم الأعمال وتسبب ضغوطات كبيرة على ربة المنزل. ويمنح التخطيط الزوجة نظرة شاملة حول ما يجب فعله خلال اليوم، وتقسيم وقتها بين عملها وحياتها الزوجية والأسرية.
وبينوا أن تخصيص مكان مناسب للعمل بعيدا عن الزوج والأبناء مهما كان المنزل صغيرا يساعد على إنجاز العمل بأسرع وقت ممكن، ويمكنها بذلك من التفرغ لواجباتها المنزلية، بالإضافة إلى عدم اختلاط مهام العمل مع أعمال المنزل.