يوجه التحية إلى أم كلثوم وأسمهان وفيروز ووردة وداليدا…
بيت الفن
يوجه معهد العالم العربي في باريس تحية إلى سيدات الغناء والشاشة اللواتي أحدثن ثورة في الموسيقى والسينما العربيتين، من العملاقتين أم كلثوم وفيروز، إلى الأسطورة داليدا، من خلال معرض يقيمه عن هؤلاء النجمات اللواتي كانت لهن مساهمة نسوية ومواقف من قضايا سياسية.
وقالت إحدى القيمتين على المعرض هانا بوغانم إن “الفكرة تتمثل في التعريف بشخصيات استثنائية أحدثت ثورة في الموسيقى والسينما في العصر الذهبي للعالم العربي، كأم كلثوم وفيروز ووردة وأسمهان، وهن نساء أضحين أيقونات وتحررن من الهيمنة الذكورية، وحققن النجاح بفضل شجاعتهن في عيش أحلامهن”.
ويستمر معرض “ديفا” إلى 26 شتنبر المقبل، ويضم ملصقات وأزياء للنجمات ومقتطفات من حفلاتهن الموسيقية الحاشدة ونماذج معاد تكوينها لبعض الصالونات الأدبية، وصورا مجسمة.
وأفرد المعرض جانبا بارزا لأم كلثوم. فالمطربة التي لقبت “الهرم الرابع” وتعتبر أشهر صوت في العالم العربي، ليست جوهرة مصرية فحسب. وعندما توفيت في عام 1975، شارك بحر من الناس في تشييعها في القاهرة لكن الحزن عليها عم من بغداد إلى الدار البيضاء. وكان العالم العربي برمته يستمع إلى حفلاتها أول خميس من كل شهر عبر إذاعة القاهرة.
ولاحظ عازف البوق الفرنسي اللبناني ابراهيم معلوف الذي خصص لها أحد ألبوماته بعنوان “كلثوم” في حديث ضمن برنامج “أنتريه ليبر” التلفزيوني أن ما كانت “كوكب الشرق” تتمتع به “من جنون وحرية وقوة شخصية وطبع مميز”، جعل تأثيرها يطال “كل شخص تقريبا في العالم العربي”.
والنساء اللواتي يتناولهن المعرض هن أيضا شخصيات ذات تأثير سياسي، “فأم كلثوم كانت تجسيدا للعروبة” في زمن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، في حين “حملت وردة من خلال أغنياتها قضية إنهاء استعمار الجزائر، ورفعت اللبنانية فيروز لواء القضية الفلسطينية، وتعاونت أسمهان (وهي أميرة درزية) مع الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية”، على ما شرحت هانا بوغانم.
وإذا كانت أم كلثوم وحدت العالم العربي كله، فإن فيروز جعلت هي الأخرى “جميع اللبنانيين” يتفقون، على ما رأى ابراهيم معلوف في وثائقي حديث بعنوان “ديفا”. وشكلت “سفيرة لبنان إلى النجوم” عاملا نادرا للوحدة الوطنية في بلد لم يشفَ بعد من الانقسامات التي مزقته.
وفيروز هي الوحيدة التي لا تزال على قيد الحياة من بين النجمات اللواتي يشملهن المعرض، وتبلغ اليوم السادسة والثمانين.
والمغنية المعروفة بانكفائها عن الأضواء الإعلامية، باستثناء التغطية التي حظيت بها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بها في منزلها نهاية غشت 2020، لم تستجب طلبات منظمي المعرض، وهو ما يأسفون له.
كذلك كانت وردة الجزائرية من النجمات اللواتي تحررن من القيود المجتمعية. ففي عام 1972، عادت إلى المسرح للاحتفال بالذكرى العاشرة لاستقلال الجزائر بعدما توقفت عن الغناء بناء على طلب زوجها الضابط في الجيش. ثم تطلقت لإكمال مسيرتها الفنية التي بدأت في سن الحادية عشرة في ملهى والدها “تام تام” في باريس، وعادت إلى مصر حيث كانت دخلت أيضا عالم السينما.
وفي المعرض أيضا مساحة لأسمهان التي كانت حياتها القصيرة بمثابة رواية، ومسيرتها كنجمة وراء الميكروفون وعلى الشاشة.
وقد عاجلها الموت باكرا وهي بعد في السابعة والعشرين، في ظروف لا تزال غامضة، إذ عثر على سيارتها في النيل…
ومن أبرز النساء الأخريات اللواتي يتطرق إليهن المعرض المصرية سامية جمال التي أدت داليدا دور منافستها على زوجها في فيلم “سيجارة وكاس” (1954)، في غمرة إنتاج سينمائي مزدهر كانت تشهده القاهرة التي كانت بمثابة “هوليوود الشرق”.
وقالت هانا بوغانم إن تخصيص جناح لداليدا في المعرض يتيح استقطاب الجمهور الفرنسي العريض “الذي لا يعرف بالقدر نفسه كل هؤلاء النجمات العرب”.
وأضافت “أردنا التعريف بها في سياقها المصري، من فيلم 1954 إلى الفيلم الدرامي “اليوم السادس” الذي مثلت فيه بإدارة (المخرج والمنتج المصري) يوسف شاهين عام 1986″، قبل عام من وفاتها.